الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  آداب الاجتماع على الأكل وهي سبعة :

                                                                  الأول : أن لا يبتدئ بالطعام ومعه من يستحق التقديم بكبر سن أو زيادة فضل إلا أن [ ص: 94 ] يكون هو المتبوع والمقتدى به فحينئذ ينبغي أن لا يطول عليهم الانتظار إذا اشرأبوا للأكل واجتمعوا له .

                                                                  الثاني : أن لا يسكتوا على الطعام ولكن يتكلمون بالمعروف .

                                                                  الثالث : أن يرفق برفيقه في القصعة فلا يقصد أن يأكل زيادة عما يأكله ، فإن ذلك حرام إن لم يكن موافقا لرضا رفيقه مهما كان الطعام مشتركا ، بل ينبغي أن يقصد الإيثار ولا يأكل تمرتين في دفعة إلا إذا فعلوا ذلك أو استأذنهم ، فإن قلل رفيقه نشطه ورغبه في الأكل وقال له : " كل " ولا يزيد في قوله : " كل " على ثلاث فإن ذلك إلحاح وإضجار ، فأما الحلف عليه بالأكل فممنوع . قال الحسن بن علي رضي الله عنهما : " الطعام أهون من أن يحلف عليه " .

                                                                  الرابع : أن لا يحوج رفيقه إلى أن يقول له : " كل " أو يتفقده في الأكل بل يحمل عن أخيه مؤنة ذلك .

                                                                  ولا ينبغي أن يدع شيئا مما يشتهيه لأجل نظر الغير إليه فإن ذلك تصنع بل يجري على المعتاد ، ولا ينقص من عادته شيئا في الوحدة ، ولكن يعود نفسه حسن الأدب في الوحدة حتى لا يحتاج إلى التصنع عند الاجتماع .

                                                                  نعم لو قلل من أكله إيثارا لإخوانه ونظرا لهم عند الحاجة إلى ذلك فهو حسن ، وإن زاد في الأكل على نية المساعدة وتحريك نشاط القوم في الأكل فهو حسن .

                                                                  الخامس : أن غسل اليد في الطست لا بأس به ، قال أنس : " إذا أكرمك أخوك فاقبل كرامته ولا تردها " .

                                                                  روي أن هارون الرشيد دعا أبا معاوية الضرير فصب الرشيد على يده في الطست فلما فرغ قال : " يا أبا معاوية ، أتدري من صب على يدك " فقال : " لا " ، قال : " صبه أمير المؤمنين " فقال : " يا أمير المؤمنين إنما أكرمت العلم وأجللته فأجلك الله وأكرمك كما أجللت العلم وأهله " .

                                                                  وليصب صاحب المنزل بنفسه الماء على يد ضيفه هكذا فعل مالك بالشافعي رضي الله عنهما في أول نزوله عليه وقال : " لا يروعك ما رأيت مني فخدمة الضيف فرض " .

                                                                  السادس : أن لا ينظر إلى أصحابه ولا يراقب أكلهم فيستحيون بل يغض بصره عنهم [ ص: 95 ] ويشتغل بنفسه ، ولا يمسك قبل إخوانه إذا كانوا يحتشمون الأكل بعده بل يمد اليد ويقبضها ويتناول قليلا قليلا إلى أن يستوفوا ، فإن امتنع لسبب فليعتذر إليهم دفعا للخجلة عنهم .

                                                                  السابع : أن لا يفعل ما يستقذره غيره فلا ينفض يده في القصعة " وعاء الأكل " ولا يقدم إليها رأسه عند وضع اللقمة في فيه ، وإذا أخرج شيئا من فيه صرف وجهه عن الطعام وأخذ بيساره ، ولا يغمس اللقمة الدسمة في الخل فقد يكرهه غيره ، واللقمة التي قطعها بسنه لا تغمس في المرقة والخل ، ولا يتكلم بما يذكر من المستقذرات .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية