الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6124 حدثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أصدق بيت قاله الشاعر

                                                                                                                                                                                                        ألا كل شيء ما خلا الله باطل

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        9701 الحديث الثاني حديث أبي هريرة وقد تقدم في أوائل السيرة النبوية وفي الأدب

                                                                                                                                                                                                        قوله أصدق بيت أطلق البيت على بعضه مجازا فإن الذي ذكره نصفه وهو المصراع الأول المسمى عروض البيت وأما نصفه الثاني وهو المسمى بالضرب فهو "

                                                                                                                                                                                                        وكل نعيم لا محالة زائل

                                                                                                                                                                                                        . ويحتمل أن يكون على سبيل الاكتفاء فأشار بأول البيت إلى بقيته والمراد كله وعكسه ما مضى في " باب ما يجوز من الشعر " في كتاب الأدب بلفظ " أصدق كلمة " فإن المراد بها القصيدة وقد أطلقها وأراد البيت وتقدم شرح هذا الحديث في أيام الجاهلية وأورده فيها أيضا بلفظ " أصدق كلمة " وهو المشهور .

                                                                                                                                                                                                        وذكرت هناك أن في رواية شريك عند مسلم بلفظ أشعر كلمة تكلمت بها العرب وبحث السهيلي في ذلك وذكرت أيضا ما أورده ابن إسحاق في السيرة فيما جرى لعثمان بن مظعون مع لبيد بن ربيعة ناظم هذا البيت حيث قال له لما أنشد المصراع الأول صدقت ولما أنشد المصراع الثاني كذبت ثم قال له نعيم الجنة لا يزول وذكرت توجيه كل من الأمرين وأن كل من صدق بأن ما خلا الله باطل فقد صدق ببطلان ما سواه فيدخل نعيم الجنة بما حاصله أن المراد بالباطل هنا الهالك وكل شيء سوى الله جائز عليه الفناء وإن خلق فيه البقاء بعد ذلك كنعيم الجنة والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        وقال ابن بطال هنا : قوله " ما خلا الله باطل " لفظ عام أريد به الخصوص والمراد أن كل ما قرب من الله فليس بباطل وأما أمور الدنيا التي لا تئول إلى طاعة الله فهي الباطل انتهى ولعل الأول أولى

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : مناسبة هذا الحديث الثاني للترجمة خفية وكأن الترجمة لما تضمنت ما في الحديث الأول من التحريض على الطاعة ولو قلت والزجر عن المعصية ولو قلت فيفهم أن من خالف ذلك إنما يخالفه لرغبة في أمر من أمور الدنيا وكل ما في الدنيا باطل كما صرح به الحديث الثاني فلا ينبغي للعاقل أن يؤثر الفاني على الباقي .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية