الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق يحتمل أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : بالعدل .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : بالحكمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : إلا ما استحق عليهم الطاعة والشكر .

                                                                                                                                                                                                                                        والرابع : قاله الفراء ، معناه إلا للحق يعني الثواب والعقاب .

                                                                                                                                                                                                                                        وأجل مسمى فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : قيام الساعة ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : وهو محتمل أنه أجل كل مخلوق على ما قدر له . فدل ذلك على أمرين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : دل به على الفناء وعلى أن لكل مخلوق أجلا .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : نبه على ثواب المحسن وعقاب المسيء .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 301 ] قوله تعالى : ثم كان عاقبة الذين أساءوا قال ابن عباس : كفروا .

                                                                                                                                                                                                                                        السوأى فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : جهنم ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : العذاب في الدنيا والآخرة ، قاله الحسن . وفي الفرق بين الإساءة والسوء وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن الإساءة إنفاق العمر في الباطل ، والسوء إنفاق رزقه في المعاصي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن الإساءة فعل المسيء والسوء الفعل مما يسوء .

                                                                                                                                                                                                                                        أن كذبوا لأن كذبوا .

                                                                                                                                                                                                                                        بآيات الله فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : بالعذاب أن ينزل بهم ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : بمعجزات الرسل ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        وكانوا بها يستهزئون أي بالآيات .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية