الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ولا يحل للمسلمين فرار من مثليهم ولو ) كان الفار ( واحدا من اثنين ) كافرين .

                                                                          قال ابن عباس " من فر من اثنين فقد فر ومن فر من ثلاثة فما فر " ( أو مع ظن تلف ) أي ولو ظن المسلمون التلف لم يجز فرارهم من مثليهم ( إلا متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة وإن بعدت ) الفئة لقوله تعالى : { ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله } ومعنى التحرف في القتال : التحيز إلى موضع يكون فيه القتال أمكن كانحرافهم عن مقابلة الشمس أو الريح ; أو استناد إلى نحو جبل ونحوه مما جرت به العادة ومعنى التحيز إلى فئة : أن يصير إلى فئة من المسلمين ليكون معهم فيقوى بهم .

                                                                          قال القاضي : لو كانت الفئة بخراسان والزحف بالحجاز جاز التحيز إليها لحديث ابن عمر مرفوعا { إني فئة لكم } وكانوا بمكان بعيد منه . وقال عمر " أنا فئة لكل مسلم " وكان بالمدينة وجيوشه بمصر والشام والعراق وخراسان . رواهما سعيد ( وإن زادوا ) أي الكفار على مثلي المسلمين ( فلهم الفرار ) للخبر ( وهو ) أي الفرار إذا زاد الكفار على مثلي المسلمين ( مع ظن تلف أولى ) من ثبات حفظا للنفوس ( وسن الثبات مع عدم ظن التلف ) للنكاية . ولم يجب لأنهم لا يأمنون العطب ( القتال مع ظنه ) أي التلف ( فيهما ) أي الفرار والثبات ( أولى من الفرار والأسر ) لينالوا درجة الشهداء المقبلين على القتال .

                                                                          ولو جاز أن يغلبوا . قال تعالى : { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله } وإن حصر عدو بلد المسلمين فلهم التحصن منهم ولو كانوا أكثر من نصفهم ليلحقهم مدد أو قوة . وليس توليا ولا فرارا . وإن لقوهم خارج الحصن فلهم التحيز إليه . وذهاب الدواب في الغزو ليس عذرا في الفرار لإمكان القتال على الأرجل وإن تحيزوا إلى جبل ليقاتلوا فيه فلا بأس : وإن ذهب سلاحهم فتحيزوا إلى مكان يمكنهم قتال فيه بحجارة وستر بنحو شجر ، أو لهم في التحيز إليه فائدة جاز

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية