الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفرع الثاني

                                                                                                                في الكتاب : مالا يبقى من الطعام أحب أن يتصدق به كثر أو قل . ولم يؤقت مالك لتعريفه حدا ، وإن أكله وتصدق به لم يضمنه كالشاة يجدها في الفلاة إلا أن يجدها في غير الفيافي ، وخير ( ش ) وابن حنبل واجد الطعام بين أكله وغرم بدله أو بيعه وحفظ ثمنه استصحابا للملك بحسب الإمكان ، وقد تقدمت هذه القاعدة ، قال ابن يونس : قال أشهب : الطعام في غير الفيافي يبيعه ، فإن جاء صاحبه أخذ ثمنه ، قال مطرف : ما لا يبقى من الطعام إذا التقط في الحضر وحيث الناس ، الصدقة به أحب إلي من أكله ، لأن الأصل عدم إباحة انتفاع غير الإنسان بملك غيره ، فيضرب في منفعة مالكه وهو ثواب الآخرة . فإن تصدق به لم يضمنه ؛ لأنه ترك للفساد ، وإن أكله ضمنه ، لأنه صون به ماله وضيع ثمنه إلا في السفر ، وحيث لا ناس ، وهو لا يبقى ولا يحمل كالشاة في الفلاة ، وأكله حينئذ أفضل من طرحه احتراما لرزق الله ، وإن كان مما يبقى ويتزود ضمنه في الأكل والصدقة ، قال : وهذا استحسان ، قال صاحب المقدمات : في الطعام ثلاثة أقوال ، [ ص: 96 ] إذا كان حيث الناس قال ابن حبيب : إن أكله غرمه . أو تصدق به فلا غرم عليه ، وقال أشهب : يغرمه في الحالتين . لا يضمنه في الحالتين . وهو مذهب المدونة ، قال اللخمي : أرى التفرقة بين القليل فلا يضمن في الأكل والصدقة . لأنه يعرض عنه ، ولما في مسلم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( إني أجد الثمرة على الطريق لولا أني أخاف أن تكون صدقة لأكلتها ) ، والكثير يضمن لأن الغالب طلبه ، وكذلك قال مالك في الدلو والحبل ينتفع به ، والتصدق أحسن ، لأنه ( كذا ) فإن كان مما يدخر إلا أن صاحبه لا يحفل به .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية