الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        السادسة : أوصى بأمة لابنها من غيره ، فإن خرجت من الثلث ، وقبل الابن الوصية ، عتقت عليه .

                                                                                                                                                                        وإن رد ، بقيت للوارث .

                                                                                                                                                                        وإن لم تخرج ، فالجواب في قدر الثلث كذلك .

                                                                                                                                                                        وأما الزائد ، فإن أعتقه الوارث وهو موسر ، عتق عليه .

                                                                                                                                                                        ثم إن لم يقبل ابنها الوصية ، فقد تبينا أن جميعها للوارث ، فيسري العتق من البعض الذي أعتقه إلى الباقي .

                                                                                                                                                                        وإن قبل ، عتق عليه ما قبل .

                                                                                                                                                                        قال ابن الحداد : ولا يقوم نصيبه على الوارث ، لأنا تبينا بالقبول حصول ملكه بالموت وتقدمه على إعتاق الوارث الزيادة ، ولا يقوم نصيب الوارث عليه ; لأنه أعتق نصيبه قبل قبوله .

                                                                                                                                                                        قال الشيخ أبو علي : الصواب عند الأصحاب أن يقال : إن قلنا : يملك بالموت ابتداء ، وتبينا ، قوم نصيب الوارث عليه .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا : يملك بالقبول ، عتق الكل على الوارث ; لأنه يسري من نصيبه إلى قدر الثلث .

                                                                                                                                                                        والقبول بعده كإعتاق الشريك الثاني بعد إعتاق الأول وهو موسر .

                                                                                                                                                                        هذا إذا حكمنا بحصول السراية بنفس الإعتاق .

                                                                                                                                                                        فإن قلنا : لا تحصل إلا بأداء القيمة ، فقبوله كإعتاق الشريك الثاني نصيبه قبل أخذ القيمة .

                                                                                                                                                                        وفيه وجهان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : ينفذ ; لأنه ملكه .

                                                                                                                                                                        وأصحهما : لا ; لأن الأول استحق تقويمه عليه .

                                                                                                                                                                        فعلى هذا ، له قيمة نصيبه على الوارث .

                                                                                                                                                                        فلو كانت المسألة بحالها ، ووارث الموصي ابن له من هذه الأمة بنكاح ، فإن رد الموصى له ، عتقت على الابن الذي [ ص: 150 ] هو وارث السيد .

                                                                                                                                                                        وإن قبلها ، نظر ، إن خرجت من الثلث ، عتقت على الموصى له .

                                                                                                                                                                        وإن لم تخرج ، فالزائد منها على الثلث .

                                                                                                                                                                        أطلق ابن الحداد : أنه يعتق في الحال على الوارث ، وفصل الشارحون ، فقالوا : إن لم يجز الوارث الزيادة على الثلث ، فالجواب كذلك ، وإن أجاز ، فعتقه مبني على أن الإجازة ابتداء عطية ، أم تنفيذ ؟ إن قلنا بالأول ، فقد حكمنا للوارث بالملك قبل أن يعطى ، فيعتق عليه .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا : تنفيذ ، لم يعتق ؛ لأنا على هذا القول لا نجعل الزائد للوارث ، بل نقفه على الرد والإجازة .

                                                                                                                                                                        فإذا أجاز ، تبين أنه لم يملكه .

                                                                                                                                                                        وأما قدر الثلث ، فإنه يعتق على الموصى له ، ولا يقوم نصيب أحدهما على الآخر .

                                                                                                                                                                        السابعة : أوصى بعبد لشخصين ، أحدهما قريبه الذي يعتق عليه .

                                                                                                                                                                        فإن قبلا معا ، عتق جميعه على القريب إن كان موسرا ، النصف بالملك ، والنصف بالسراية ، ويغرم للأجنبي نصف قيمته .

                                                                                                                                                                        وإن قبل القريب أولا ، فكذلك حكم العتق ، ويكون غرم النصف للأجنبي إن قبل بعد ذلك ، ولوارث الموصي إن لم يقبل .

                                                                                                                                                                        وإن قبل الأجنبي أولا ، ملك نصيبه ، [ ويبقى نصيب القريب موقوفا إلى أن يقبل أو يرد ، فإن أعتق الأجنبي نصيبه قبل قبول القريب ، ثم قبل ، فإن قلنا : يملك بالقبول ، قوم نصيبه على الأجنبي ، وكان كما لو أعتق الشريك نصيبه وهو موسر ثم أعتق الثاني نصيبه ] ، وإن قلنا : يملك بالموت ، تبينا أن عتق الأجنبي غير نافذ ، وأنه عتق جميعه على الوارث ، وعليه نصف القيمة للأجنبي .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية