الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( تتمة ) قال مثنى الأنباري : قلت لأبي عبد الله ما تقول إذا ضرب رجل رجلا بحضرتي أو شتمه فأرادني أن أشهد له عند السلطان ؟ قال إن خاف أن يتعدى عليه لم يشهد ، وإن لم يخف شهد .

( فائدة ) : قال في الآداب الكبرى : لعل كلام الإمام أحمد في الأمر يرفعه يعني مع إقامته للحد على الوجه المأمور به على الاستحباب ، وإلا فقد قال الأصحاب : من عنده شهادة بحد يستحب أن لا يقيمها . ثم قال : لعل رفعه لإقامة الحد مباح ، ورفعه لأجل إنكار المنكر واجب أو مستحب ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

ولأجل ما ذكرنا من اشتراط أمن الحيف قال الناظم رحمه الله :

إذا لم يخف في ذلك الأمر حيفه إذا كان ذا الإنكار حتم التأكد

( إذا ) أي إنما يرفعه إلى نافذ الأمر حيث ( لم يخف ) الرافع علم ذلك إلى ولي الأمر ( في ذلك الأمر ) الذي رفعه إليه ( حيفه ) أي جوره وظلمه . والضمير راجع إلى ولي الأمر ، فإن خاف جوره وظلمه بأن عاقبه أزيد مما يستحق أو أخذ منه مالا لم يرفعه . وقد نص سيدنا الإمام أحمد رضي الله عنه في رواية الجماعة على أنه لا يرفعه إلى السلطان إن تعدى فيه ، ذكره ابن عقيل وغيره . قال الخلال : أخبرني محمد بن أشرس ، قال : مر بنا سكران فشتم ربه . فبعثنا إلى أبي عبد الله رسولا وكان مختفيا فقلنا أيش السبيل في هذا ، سمعناه يشتم ربه ، أترى أن نرفعه إلى السلطان ؟ فبعث إلينا : إن أخذه السلطان أخاف أن لا يقيم عليه الذي ينبغي ، ولكن أخيفوه حتى يكون منكم شبيها بالهارب ، فأخفناه فهرب .

[ ص: 243 ] ولا بد لوجوب رفعه إلى ولي الأمر من شرط ثان ذكره بقوله ( إذا كان ذا ) أي هذا ( الإنكار ) الذي أنكره ( حتم ) أي واجب الإنكار مجزوم ( التأكد ) بأن كان حراما محضا أو ترك واجب بخلاف ما إذا كان المتروك مندوبا أو الفعل مكروها فإنه لا يرفع إلى ولي الأمر ، وظاهر إطلاقهم لا فرق بين فرض العين والكفاية ، فمتى وجبت عليه إزالته ولم تمكنه رفعه إلى ولي الأمر والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية