الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثامن الدرن الذي يجتمع على جميع البدن برشح العرق وغبار الطريق وذلك يزيله الحمام ولا بأس بدخول الحمام دخل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حمامات الشام وقال بعضهم نعم البيت بيت الحمام يطهر البدن ويذكر النار روي ذلك عن أبي الدرداء وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما .

وقال بعضهم : بئس البيت بيت الحمام يبدي العورة ويذهب الحياء فهذا تعرض لآفته وذاك تعرض لفائدته ولا بأس بطلب فائدته عند الاحتراز من آفته .

التالي السابق


(الثامن الدرن الذي يجتمع على جميع البدن) ما ظهر منه وما خفي (برشح [ ص: 400 ] العرق) وإسالته (وغبار الطريق) ، فإذا ركب الغبار على العرق جمد في الحال وصار منه ذلك الدرن ، وقد يتحصل من جمود العرق بنفسه من غير غبار (وذلك يزيله) دخوله في (الحمام) ، وهو بيت الحميم للماء المسخن ، وقد استحم الرجل اغتسل بالماء الحميم ، ثم كثر حتى استعمل الاستحمام في كل ماء والمحم بكسر الميم القمقم (ولا بأس بدخول الحمام) الكائن في الأسواق شرعا ، وقد (دخل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حمامات الشام ) حين فتحت في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه منهم أبو هريرة وأبو الدرداء وأبو أيوب الأنصاري وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم (و) قد اختلفت مواجيدهم في دخوله وكل فيه قدوة وهدى (قال بعضهم) ، أي : من الأصحاب في الترغيب : (نعم البيت بيت الحمام يطهر البدن ويذكر النار روي ذلك عن أبي الدرداء وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما) فذكر الصغاني في تكملة الصحاح عن أبي الدرداء أنه كان يدخل الحمام ويقول : نعم البيت الحمام يذهب بالصنة ويذكر النار اهـ .

قلت : قد روي ذلك عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : نعم البيت الحمام ، فإنه يذهب بالوسخ ويذكر الآخرة أخرجه ابن منيع في مسنده عن عمار بن محمد عن يحيى بن عبيد الله بن وهب عن أبيه عن أبي هريرة ويحيى ضعيف كذا في المقاصد ، وروى الحكيم الترمذي في نوادره وابن السني في عمل يوم وليلة وابن عساكر في التاريخ من حديث أبي هريرة بلفظ : نعم البيت يدخله الرجل المسلم بيت الحمام وذلك أنه إذا دخله سأل الله الجنة واستعاذ بالله من النار .

(وقال بعضهم :) ، أي : من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الترهيب (بئس البيت بيت الحمام يبدي العورة ويذهب الحياء ) ، وقد روي ذلك مرفوعا من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا فلفظ حديث عائشة : بئس البيت الحمام بيت لا يستر وماء لا يطهر أخرجه البيهقي في السنن ولفظ حديث ابن عباس : بئس البيت الحمام ترفع فيه الأصوات وتكشف فيه العورات أخرجه ابن عدي في الكامل قال المناوي في شرح الجامع الصغير : أما حديث عائشة فأخرجه البيهقي من حديث يحيى بن أبي طالب عن أبي جناب عن عطاء عنها ويحيى أورده الذهبي في ذيل الضعفاء ، وقال : وثقه الدارقطني ، وقال موسى بن هارون : أشهد أنه يكذب وأبو جناب هو يحيى بن أبي حية قال الذهبي : ضعفه النسائي والدارقطني قال المناوي : ومن ثم أورد ابن الجوزي الحديث في الواهيات ، وقال : لا يصح .

وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن عدي في إسناده صالح بن أحمد القيراطي قال الذهبي في الميزان : قال الدارقطني : كذاب دجال أدركناه ولم نكتب عنه ، وقال ابن عدي : يسرق الحديث ، ثم ساق له هذا الخبر (فهذا) القائل (تعرض لآفته) وهي إبداء العورة وكشفها وإذهاب الحياء بكثرة التطلع إلى عورات الناس (وذاك) القائل : (تعرض لفائدته) من تطهير البدن وتذكير نار الآخرة (ولا بأس بطلب فائدته) إن أمكن (عند الاحتراز من آفته) كتطهير البدن مع غض البصر .




الخدمات العلمية