الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: واذكروا الله في أيام معدودات هي أيام منى قول جميع المفسرين ، وإن خالف بعض الفقهاء في أن أشرك بين بعضها وبين الأيام المعلومات. فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه يعني تعجل النفر الأول في اليوم الثاني من أيام منى. ومن تأخر يعني إلى النفر الثاني ، وهو الثالث من أيام منى. فلا إثم عليه وفي الإثم ههنا ، خمسة تأويلات: أحدها: أن من تعجل فلا إثم عليه في تعجله ، ومن تأخر فلا إثم عليه في تأخره ، وهذا قول عطاء. [ ص: 264 ]

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني: أن من تعجل في يومين ، فمغفور له ، لا إثم عليه ، ومن تأخر فمغفور له ، لا إثم عليه ، وهذا قول ابن مسعود . والثالث: فلا إثم عليه ، إن اتقى فيما بقي من عمره ، وهذا قول أبي العالية ، والسدي . والرابع: فلا إثم عليه ، إن اتقى في قتل الصيد في اليوم الثالث ، حتى يحلوا أيام التشريق ، وهذا قول ابن عباس . والخامس: فلا إثم عليه ، إن اتقى إصابة ما نهي عنه ، فيغفر له ما سلف من ذنبه ، وهذا قول قتادة. فأما المراد بذكر الله تعالى في الأيام المعدودات ، فهو التكبير فيها عقب الصلوات المفروضات ، واختلف فيه على أربعة مذاهب: أحدها: أنه تكبير من بعد صلاة الصبح ، يوم عرفة ، إلى بعد صلاة العصر ، من آخر أيام التشريق ، وهذا قول علي رضي الله عنه ، وبه قال من الفقهاء أبو يوسف ، ومحمد. والثاني: أنه تكبير من صلاة الفجر ، من يوم عرفة ، إلى صلاة العصر ، من يوم النحر ، وهذا قول ابن مسعود ، وبه قال من الفقهاء أبو حنيفة. والثالث: أنه يكبر من بعد صلاة الظهر ، من يوم النحر ، إلى بعد صلاة العصر ، من آخر أيام التشريق ، وهذا قول زيد بن ثابت. والرابع: أنه يكبر من بعد صلاة الظهر ، من يوم النحر ، إلى آخر صلاة الصبح ، من آخر التشريق ، وهذا قول عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وبه قال من الفقهاء الشافعي.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية