الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل في الوصية بالنصيب مع استثناء جزء مما تبقى من المال فهذا ، إما أن يكون مع تقييد الموصي الاستثناء بجزء مما تبقى من المال بعد النصيب ، وإما مع التقييد بجزء مما تبقى من المال بعد الوصية ، وإما مطلقا ، فهذه ثلاثة أقسام .

                                                                                                                                                                        ( القسم ) الأول : مثاله : ثلاثة بنين ، وأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ربع الباقي من المال بعد النصيب ، تأخذ مالا وتسقط منه نصيبا ، يبقى مال ناقص بنصيب ، تزيد عليه ربعه وهو الذي يسترده من جملة النصيب ، وربعه ربع مال إلا ربع نصيب ، فيبلغ مالا وربع مال إلا نصيبا ، وربع نصيب يعدل ثلاثة أنصباء ، فتجبر وتقابل ، فإذا مال وربع مال يعدل أربعة أنصباء وربع نصيب ، تبسطها أرباعا وتقلب الاسم ، فالمال سبعة عشر ، والنصيب خمسة ، تعطي الموصى له خمسة ، يبقى اثنا عشر ، تسترجع من الخمسة ربع الباقي وهو ثلاثة ، يبقى مع الموصى له سهمان ، ومع البنين خمسة عشر ، لكل ابن خمسة .

                                                                                                                                                                        القسم الثاني : أن يقيد الاستثناء بجزء مما تبقى من المال بعد الوصية ، فالجزء من [ ص: 230 ] باقي المال بعد الوصية ، كالجزء الواقع تحته من باقي المال بعد النصيب ، فعشر الباقي بعد الوصية كتسع الباقي بعد النصيب ، وتسع الباقي بعد الوصية كثمن الباقي بعد النصيب ، وعلى هذا القياس حتى ينتهي إلى ثلث الباقي بعد الوصية ، فهو كنصف الباقي بعد النصيب ، وخرجوا صور هذا القسم بطريقين .

                                                                                                                                                                        أحدهما : البناء على القاعدة المذكورة .

                                                                                                                                                                        فإذا أوصى - وله ثلاثة بنين - بنصيب أحدهم إلا ربع ما تبقى من المال بعد الوصية ، فهو كما لو أوصى بنصيب أحدهم إلا ثلث ما تبقى بعد النصيب ، فتأخذ مالا ، وتلقي منه نصيبا ، يبقى مال ناقص بنصيب ، تزيد ثلثه للاستثناء وهو ثلث مال إلا ثلث نصيب ، يبلغ مالا وثلث مال إلا نصيبا ، وثلث نصيب يعدل ثلاثة أنصباء ، فتجبر وتقابل ، فإذا مال وثلث مال يعدل أربعة أنصباء وثلث نصيب ، فتبسطها أثلاثا ، وتقلب الاسم ، فالمال ثلاثة عشر ، والنصيب أربعة ، تعطي الموصى له أربعة ، يبقى تسعة ، تسترد من الأربعة ثلث التسعة الباقية ، يبقى معه سهم ، ويحصل للبنين اثنا عشر ، ولكل ابن أربعة ، فالذي أخذه الموصى له مثل النصيب إلا ثلث الباقي بعد النصيب ، ومثل النصيب إلا ربع الباقي بعد الوصية ; لأن الباقي بعد الوصية اثنا عشر .

                                                                                                                                                                        الطريق الثاني : أنا نعلم أن باقي المال في الصورة المذكورة بعد الوصية أنصباء البنين ، وهي ثلاثة ، وربعها ثلاثة أرباع نصيب ، فهو المستثنى من نصيب أحد البنين ، يبقى ربع نصيب وهو الوصية ، فتزيده على أنصباء البنين ، تبلغ ثلاثة أنصباء وربع نصيب ، نبسطها أرباعا بالضرب في أربعة ، تكون ثلاثة عشر ، والوصية سهم .

                                                                                                                                                                        القسم الثالث : أن يطلق فيقول : أوصيت له بمثل نصيب فلان إلا ربع ما تبقى من المال ، ولم يقل : بعد النصيب ، ولا بعد الوصية ، ففيه وجهان لأصحابنا .

                                                                                                                                                                        أحدهما : يحمل على الباقي بعد النصيب ; لأن المذكور هو النصيب فانصرف الاستثناء إليه .

                                                                                                                                                                        [ ص: 231 ] والثاني وهو قول أكثرهم : يحمل على الباقي بعد الوصية ; لأن الباقي بعد الوصية أكثر من الباقي بعد النصيب ، فيكون المستثنى أكثر ، ويقل نصيب الموصى له ، وقد تقرر تنزيل الوصايا على الأقل المتيقن ، ثم طريق الحساب على الوجهين ما سبق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية