الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 165 ] باب nindex.php?page=treesubj&link=2974_26729_2976صدقة الفطر
وهي واجبة على الحر المسلم المالك لمقدار النصاب فاضلا عن حوائجه الأصلية ، عن نفسه وأولاده الصغار وعبيده للخدمة ومدبره وأم ولده وإن كانوا كفارا لا غير ، وهي نصف صاع من بر أو دقيقه ، أو صاع من شعير أو دقيقه أو تمر أو زبيب ، أو قيمة ذلك ، والصاع ثمانية ( س ) أرطال بالعراقي ، وتجب بطلوع الفجر من يوم الفطر ، فإن قدمها جاز ( ف ) ، وإن أخرها فعليه إخراجها ، وإن كان للصغير مال أدى عنه وليه وعن عبده ( م ) ، ويستحب إخراجها يوم الفطر قبل الخروج إلى المصلى .
( وهي واجبة على الحر المسلم المالك لمقدار النصاب فاضلا عن حوائجه الأصلية ) كما بيناه ، وشرط الحرية لأن العبد غير مخاطب بها لعدم ملكه ، والإسلام لأنها عبادة .
وقال - عليه الصلاة والسلام - فيها : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346408إنها طهرة للصائم من الرفث " وإنه مختص بالمسلم ، والغنى لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346409لا صدقة إلا عن ظهر غنى " وفي رواية : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346410إنما الصدقة عن ظهر غنى " والأصل في وجوبها ما روى nindex.php?page=showalam&ids=16425عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
[ ص: 166 ] " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346411أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير " . وعن عمر - رضي الله عنه - قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346412فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=26729_2981زكاة الفطر على الذكر والأنثى والحر والعبد صاعا من تمر أو صاعا من شعير " .
وقال - عليه الصلاة والسلام - : " أدوا صدقة الفطر عن كل حر وعبد يهودي أو نصراني ) .
قال : ( nindex.php?page=treesubj&link=2978_2979_2980عن نفسه وأولاده الصغار وعبيده للخدمة ومدبره وأم ولده وإن كانوا كفارا لا غير ) والأصل في ذلك أن سبب وجوبها رأس يمونه ويلي عليه ؛ لأنه يصير بمنزلة رأسه في الذب والنصرة . قال - عليه الصلاة والسلام - : " أدوا عمن تمونون " فيلزمه عن أولاده الصغار ومماليكه المسلمين والكفار والمدبر وأم الولد بمنزلة العبد ، ولا تجب عن أبويه وأولاده الكبار وزوجته ومكاتبه لعدم الولاية ، ولو كان أبوه مجنونا فقيرا يجب عليه صدقة فطره لوجود المئونة والولاية ، ولا تجب عن حفدته مع وجود أبيهم ، فإن عدم فعليه صدقتهم وقيل لا يجب أصلا . وعن أبي يوسف : لو أخرج عن زوجته وأولاده الكبار وهم في عياله بغير أمرهم أجزأهم ؛ لأنه مأذون فيه عادة .
قال : ( وهي نصف صاع من بر أو دقيقه ، أو صاع من شعير أو دقيقه ، أو تمر أو زبيب ) أما البر والشعير والتمر فلما روينا ، وأما الدقيق فلأنه مثل الحب بل أجود ، وكذا سويقهما ; وأما [ ص: 167 ] الزبيب فقد روي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري : " أو صاعا من زبيب " . وعن أبي حنيفة في الزبيب نصف صاع ؛ لأنه لا يؤكل بعجمه فأشبه الحنطة .
قال : ( أو قيمة ذلك ) وقد مر في الزكاة . قال أبو يوسف : الدقيق أحب إلي من الحنطة ، والدراهم أحب إلي من الدقيق لأنه أيسر على الغني وأنفع للفقير ، والأحوط الحنطة ليخرج عن الخلاف ; ولا يجوز الخبز والأقط إلا باعتبار القيمة لعدم ورود النص بهما .
قال : ( والصاع ثمانية أرطال بالعراقي ) وقال أبو يوسف : خمسة أرطال وثلث رطل وهو صاع أهل المدينة ، نقلوا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفا عن سلف . وقال - عليه الصلاة والسلام - : " صاعنا أصغر الصيعان " . ولنا ما روى nindex.php?page=showalam&ids=14269الدراقطني في سننه عن أنس قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10346414كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال " وعمر - رضي الله عنه - قدر الصاع لإخراج الكفارة بثمانية أرطال بحضرة الصحابة ، وأنه أصغر من الهاشمي .
قال : ( nindex.php?page=treesubj&link=2975وتجب بطلوع الفجر من يوم الفطر ) لأنه يقال صدقة الفطر ، والفطر إنما يتجدد باليوم دون الليل .
( فإن قدمها جاز ) لأنه أداها بعد السبب وهو رأس يمونه ويلي عليه . وقال الحسن : لا يجوز . وروى نوح بن أبي مريم أنه يجوز إذا مضى نصف رمضان . وعن خلف بن أيوب : يجوز في رمضان ولا يجوز قبله .
[ ص: 168 ] ( وإن أخرها فعليه إخراجها ) لأنها قربة مالية معقولة المعنى فلا تسقط بالتأخير كالزكاة بخلاف الأضحية ، فإن الإراقة غير معقولة المعنى .
( وإن كان للصغير مال أدى عنه وليه وعن عبده ) لأنها مئونة كالجناية ونفقة الزوجة . وقال محمد : لا تجب في ماله كالزكاة ، والمجنون كالصبي .
( ويستحب إخراجها يوم الفطر قبل الخروج إلى المصلى ) وقد بيناه في العيدين ، والله أعلم .