الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. ( قال ) : وإذا كانت لها أيام معلومة من [ ص: 205 ] كل شهر فانقطع عنها الدم أشهرا ثم عاودها واستمر بها ، وقد نسيت أيامها فإنها تمسك عن صلاة ثلاثة أيام من أول الاستمرار ; لأنها يتيقن فيها بالحيض فإن عادتها في الموضع قد انتقلت بعدم الرؤية مرتين أو أكثر فأول عادتها من وقت الاستمرار وتتيقن بالحيض في ثلاثة أيام فتترك الصلاة فيها ثم تغتسل لكل صلاة في سبعة أيام لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر والخروج من الحيض ، وتتوضأ عشرين يوما لوقت كل صلاة ; لأنها تتيقن فيها بالطهر ، ويأتيها زوجها ، وذلك دأبها ، وتأويل هذه المسألة إذا كانت تعلم أن دورها في كل شهر ، وأنها كانت لا تدخل شهرا في شهر ، فإن كانت لا تعرف ذلك فلم يتعرض لهذا الفصل في الكتاب ، ولا بد من بيانه .

فنقول : هو على ثلاثة أوجه : إما أن كانت لا تدري كم كان حيضها وطهرها أو كانت تذكر مقدار طهرها ولا تذكر مقدار حيضها أو كانت تذكر مقدار حيضها ، ولا تذكر مقدار طهرها فأما الفصل الأول فنقول : إنها تدع الصلاة من أول الاستمرار ثلاثة أيام بيقين ثم تصلي سبعة أيام بالاغتسال لكل صلاة بالشك لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر والخروج من الحيض ولا يأتيها زوجها في هذه العشرة ثم تصلي ثمانية أيام بالوضوء لوقت كل صلاة بيقين ، ويأتيها زوجها فيها ; لأنها بيقين الطهر في هذه الثمانية فإنه إن كان حيضها ثلاثة أيام فهذا آخر طهرها ، وإن كان حيضها عشرة فهذا أول طهرها ثم تصلي ثلاثة أيام بالوضوء بالشك لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر ، ولا يأتيها زوجها فبلغ الحساب أحدا وعشرين ثم تصلي بعد ذلك بالاغتسال لكل صلاة بالشك ; لأنه لم يبق لها يقين بالطهر ولا بالحيض بعد هذا فما من ساعة بعد هذا إلا ويتوهم أنه وقت خروجها من الحيض إما بالزيادة في حيضها على الثلاثة أو في طهرها على خمسة عشر ، وأما الفصل الثاني وهو إذا علمت أن طهرها خمسة عشر ولا تدري كم حيضها ، فإنها تترك الصلاة من أول الاستمرار ثلاثة أيام ثم تغتسل سبعة أيام بالشك ثم تصلي ثمانية أيام بالوضوء بيقين ثم تصلي ثلاثة أيام بالوضوء بالشك فبلغ الحساب أحدا وعشرين ، ولو كان حيضها ثلاثة فابتداء طهرها بعد أحد وعشرين ، وإن كان حيضها عشرة فابتداء طهرها الثاني بعد خمسة وثلاثين ففي هذه الأربعة عشرة تصلي بالاغتسال لكل صلاة بالشك لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر والخروج من الحيض ثم تصلي يوما واحدا بالوضوء لوقت كل صلاة بيقين ، وذلك بعد ما تغتسل عند تمام خمسة وثلاثين يوما ; لأن في هذا اليوم يقين الطهر ثم تصلي ثلاثة أيام بالوضوء بالشك [ ص: 206 ] لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر ثم تغتسل ذلك لكل صلاة أبدا ; لأنه لم يبق لها يقين في شيء بعدها فما من ساعة إلا ويتوهم أنه وقت خروجها من الحيض .

وأما الفصل الثالث ، وهو ما إذا كانت تعلم أن حيضها ثلاثة ، ولا تدري كم كان طهرها فإنها تدع ثلاثة من أول الاستمرار بيقين ثم تصلي خمسة عشر يوما بالوضوء لوقت كل صلاة بيقين ، ويأتيها زوجها ثم تصلي ثلاثة أيام بالوضوء بالشك لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر فإذا بلغ الحساب أحدا وعشرين ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة أبدا ; لأنه لم يبق لها يقين في شيء وما من ساعة إلا ويتوهم أنه وقت خروجها من الحيض فتغتسل لكل صلاة ولا يأتيها زوجها ، وإن كانت تذكر أن طهرها خمسة عشر ، وتردد رأيها في الحيض بين الثلاثة والأربعة فإنها تترك من أول الاستمرار ثلاثة ثم تغتسل غسلا واحدا ثم تصلي في اليوم الرابع بالوضوء لوقت كل صلاة بالشك ثم تغتسل عند مضي اليوم الرابع مرة أخرى ثم تصلي بالوضوء أربعة عشر يوما باليقين فبلغ الحساب ثمانية عشر ثم تصلي في اليوم التاسع عشر بالوضوء لوقت كل صلاة بالشك لتردد حالها فيه بين الحيض والطهر ثم تدع اليوم العشرين والحادي والعشرين بيقين ثم تغتسل وتصلي اليوم الثاني والعشرين بالوضوء بالشك ، ولا تغتسل في اليوم الثالث والعشرين ، وتغتسل عند تمام الثالث والعشرين ; لأنه إن كان حيضها ثلاثة فأوان خروجها من الحيضة الثانية عند تمام الحادي والعشرين .

وإن كان حيضها أربعة فأوان خروجها من الحيضة الثانية عند تمام الثالث والعشرين ; فلهذا تغتسل عند ذلك ثم تصلي ثلاثة عشر يوما بالوضوء لوقت كل صلاة باليقين فبلغ الحساب ستة وثلاثين ثم تصلي في يومين بالوضوء لوقت كل صلاة بالشك ثم تدع يوما واحدا ; لأن هذا اليوم آخر حيضها إن كان حيضها ثلاثة ، وأول حيضها إن كان حيضها أربعة ، فتتيقن فيه بالحيض فبلغ الحساب تسعة وثلاثين ثم تغتسل لجواز أن هذا وقت خروجها من الحيض ثم تصلي ثلاثة أيام بالوضوء بالشك لتردد حالها بين الحيض والطهر فبلغ الحساب اثنين وأربعين ثم تغتسل ; لأن هذا أوان خروجها من الحيض إذا كانت أيامها أربعة ثم تصلي اثني عشر يوما بالوضوء لوقت كل صلاة باليقين ; لأنها تتيقن بالطهر فيها فبلغ الحساب أربعة وخمسين ثم تصلي بعد ذلك ثلاثة أيام بالوضوء لوقت كل صلاة بالشك ثم تغتسل مرة أخرى ، ولم يبق لها يقين الترك في شيء بعد أربعة وخمسين فنسوق المسألة هكذا ونأمرها [ ص: 207 ] بالاغتسال في كل وقت يتوهم أنه وقت خروجها من الحيض إلا أن لا يبقى لها يقين الطهر في شيء أيضا فحينئذ تغتسل لكل صلاة أبدا وعلى هذا النحو يخرج ما إذا علمت أن حيضها ثلاثة وتردد رأيها في الطهر بين خمسة عشر وستة عشر فمن فهم الفصل الأول تيسر عليه تخريج الثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية