الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          فصل ( لام هل و بل ) اختلفوا في إدغامها وإظهارها عند ثمانية أحرف ، وهي : التاء ، والثاء ، والزاي ، والسين ، والضاد ، والطاء ، والظاء ، والنون . ومنها خمسة تختص ببل ، وهي : الزاي ، والسين ، والضاد ، والطاء ، والظاء . وواحد يختص بهل وهو

                                                          [ ص: 7 ] الثاء ، وحرفان يشتركان فيهما معا ، وهما التاء والنون " فالتاء " نحو هل تنقمون ، و هل تعلم ، و بل تأتيهم و بل تؤثرون " والثاء " نحو هل ثوب الكفار " والزاي " بل زين للذين ، بل زعمتم " والسين " بل سولت لكم " والضاد " بل ضلوا " والطاء " بل طبع " والظاء " بل ظننتم " والنون " نحو بل نتبع ، و بل نقذف ، و هل نحن منظرون ، و هل ننبئكم فأدغم اللام منهما في الأحرف الثمانية الكسائي . ووافقه حمزة في التاء والثاء ، والسين . واختلف عنه في بل طبع فروى جماعة من أهل الأداء عنه إدغامها وبه قرأ الداني على أبي الفتح فارس في رواية خلاد ، وكذا روى صاحب التجريد عن أبي الحسين الفارسي عن خلاد ، ورواه نصا عنه محمد بن سعيد ومحمد بن عيسى ، ورواه الجمهور عن خلاد بالإظهار وبه قرأ الداني عن أبي الحسن بن غلبون واختار الإدغام ، وقال في التيسير : وبه آخذ .

                                                          وروى صاحب المبهج عن المطوعي عن خلف بإدغامه . وقال ابن مجاهد في كتابه عن أصحابه عن خلف عن سليم أنه كان يقرأ على حمزة بل طبع مدغما فيجيزه . وقال خلف في كتابه عن سليم عن حمزة أنه كان يقرأ عليه بالإظهار فيجيزه وبالإدغام فلا يرده . وكذا روى الدوري عن سليم ، وكذا روى العبسي والعجلي عن حمزة . وهذا صريح في ثبوت الوجهين جميعا عن حمزة إلا أن المشهور عند أهل الأداء عنه الإظهار . وأظهرها هشام عند الضاد والنون فقط وأدغمها عند الستة الأحرف الباقية ، وهذا هو الصواب والذي عليه الجمهور وهو الذي تقتضيه أصوله .

                                                          وخص بعض أهل الأداء الإدغام بالحلواني فقط كذا ذكره أبو طاهر بن سوار وهو ظاهر عبارة صاحب التجريد وأبي العز ، في كفايته . ولكن خالفه الحافظ أبو العلاء فعمم الإدغام لهشام من طريقي الحلواني والداجوني مع أنه لم يفند طريق الداجوني إلا من قراءته على أبي العز .

                                                          وكذا نص على الإدغام لهشام بكماله الحافظ أبو عمرو الداني في جامع البيان ، وأبو القاسم الهذلي في كامله فلم يحكيا عنه في ذلك خلافا . وأما سبط الخياط فنص في مبهجه على

                                                          [ ص: 8 ] الإدغام لهشام من طريق الحلواني والداجوني في لام هل فقط . ونص على الإدغام له من طريق الحلواني والأخفش في لام " بل " ولعله سهو قلم من الداجوني إلى الأخفش - والله أعلم - .

                                                          واستثنى جمهور رواة الإدغام عن هشام اللام من هل في سورة الرعد في قوله : هل تستوي الظلمات والنور . وهذا هو الذي في الشاطبية والتيسير والكافي ، والتبصرة ، والهادي ، والهداية ، والتذكرة ، والتلخيص ، والمستنير ، وغاية أبي العلاء . ولم يستثنها أبو العز القلانسي في كفايته ولم يستثنها في الكامل للداجوني واستثناها للحلواني .

                                                          ، وروى صاحب التجريد إدغامها من قراءته على الفارسي وإظهارها من قراءته على عبد الباقي . ونص على الوجهين جميعا عن الحلواني فقط صاحب المبهج فقال : واختلف عن الحلواني عن هشام فيها . فروى الشذائي إدغامها . وروى غيره الإظهار قال وبهما قرأت على شيخنا الشريف انتهى .

                                                          ومقتضاه الإدغام للداجوني بلا خلاف - والله أعلم - .

                                                          وقال الحافظ أبو عمرو في جامعه وحكى لي أبو الفتح عن عبد الله بن الحسين عن أصحابه عن الحلواني عن هشام أم هل تستوي بالإدغام كنظائره في سائر القرآن قال ، وكذلك نص عليه الحلواني في كتابه انتهى . وهو يقتضي صحة الوجهين - والله أعلم - .

                                                          وأظهر الباقون اللام منهما عند الحروف الثمانية إلا أبا عمرو فإنه يدغم اللام من هل ترى . في الملك والحاقة ، والله الموفق .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية