الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            1487 - أخبرناه أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى ، ثنا صالح بن عبد الله بن محمد بن حبيب الحافظ ، ثنا الحكم بن موسى [ ص: 14 ] وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ، ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي ، ثنا أبو صالح الحكم بن موسى القنطري ، ثنا يحيى بن حمزة ، عن سليمان بن داود ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده ، " عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : أنه كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض ، والسنن ، والديات ، وبعث مع عمرو بن حزم فقرأت على أهل اليمن وهذه نسختها : " بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال " . ونعيم بن كلال قيل ذي رعين ، ومعافر ، وهمدان ، أما بعد : " فقد رجع رسولكم ، وأعطيتم من المغانم خمس الله وما كتب الله على المؤمنين من العشر في العقار ما سقت السماء ، أو كان سحاء ، أو كان بعلاء ففيه العشر إذا بلغت خمسة أوسق ، وما سقي بالرشاء والدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق ، وفي كل خمس من الإبل السائمة شاة إلى أن تبلغ أربعا وعشرين ، فإذا زادت واحدة على أربع وعشرين ففيها ابنة مخاض ، فإن لم توجد فابن لبون ذكر إلى أن تبلغ خمسة وثلاثين ، فإذا زادت على خمسة وثلاثين واحدة ففيها ابنة لبون إلى أن تبلغ خمسة وأربعين ، فإن زادت واحدة على خمسة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى أن تبلغ ستين ، فإن زادت على ستين واحدة ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسة وسبعين ، فإن زادت واحدة على خمسة وسبعين ففيها ابنة لبون إلى أن تبلغ تسعين ، فإن زادت واحدة على تسعين ففيها حقتان طروقتا الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومائة ، فما زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة طروقة الجمل ، وفي كل ثلاثين باقورة تبيع جذع ، وفي كل أربعين باقورة بقرة ، وفي كل أربعين شاة سائمة شاة إلى أن تبلغ عشرين ومائة ، فإن زادت على عشرين ومائة واحدة ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين ، فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى أن تبلغ ثلاث مائة ، فإن زادت فما زاد ففي كل مائة شاة شاة ، ولا يوجد في الصدقة هرمة ولا عجفاء ، ولا ذات عوار ، ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق ، ولا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع خيفة الصدقة ، وما أخذ من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ، وفي كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم ، وما زاد ففي كل أربعين درهما درهم ، وليس فيما دون خمس أواق شيء ، وفي كل أربعين دينارا دينار ، إن الصدقة لا تحل لمحمد ، ولا لأهل بيت محمد ، إنما هي الزكاة تزكى بها أنفسهم ولفقراء المؤمنين ، وفي سبيل الله ، وابن السبيل ، وليس في رقيق ، ولا في مزرعة ، ولا عمالها شيء إذا كانت تؤدى صدقتها من العشر ، وأنه ليس في عبد مسلم ولا في [ ص: 15 ] فرسه شيء " .

                                                                                            قال : وكان في الكتاب : " إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة - الإشراك بالله ، وقتل النفس المؤمن بغير حق ، والفرار في سبيل الله يوم الزحف ، وعقوق الوالدين ، ورمي المحصنة ، وتعلم السحر ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وأن العمرة الحج الأصغر ، ولا يمس القرآن إلا طاهر ، ولا طلاق قبل إملاك ، ولا عتق حتى يبتاع ، ولا يصلين أحد منكم في ثوب واحد وشقه باد ، ولا يصلين أحد منكم عاقص شعره ، ولا يصلين أحد منكم في ثوب واحد ليس على منكبه شيء " .

                                                                                            وكان في الكتاب : " أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فله قود إلا أن يرضى أولياء المقتول ، وإن في النفس الدية مائة من الإبل ، وفي الأنف الذي جدعه الدية ، وفي اللسان الدية ، وفي الشفتين الدية ، وفي البيضتين الدية ، وفي الذكر الدية ، وفي الصلب الدية ، وفي العينين الدية ، وفي الرجل الواحد نصف الدية ، وفي المأمومة ثلث الدية ، وفي الجائفة ثلث الدية ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل ، وفي كل إصبع من الأصابع من اليد والرجل عشر من الإبل ، وفي السن خمس من الإبل ، وفي الموضحة خمس من الإبل ، وأن الرجل يقتل بالمرأة ، وعلى أهل الذهب ألف دينار "
                                                                                            .

                                                                                            هذا حديث صحيح كبير مفسر في هذا الباب يشهد له أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ، وأقام العلماء في عصره محمد بن مسلم الزهري بالصحة كما تقدم ذكري له ، وسليمان بن داود الدمشقي الخولاني معروف بالزهري ، وإن كان يحيى بن معين غمزه فقد عدله غيره ، كما أخبرنيه أبو أحمد الحسين بن علي ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : سمعت أبي وسئل عن حديث عمرو بن حزم في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي كتبه له في الصدقات ، فقال : سليمان بن داود الخولاني عندنا ممن لا بأس به قال أبو محمد بن أبي حاتم : وسمعت أبا زرعة يقول ذلك .

                                                                                            قال الحاكم : " قد بذلت ما أدى إليه الاجتهاد في إخراج هذه الأحاديث المفسرة الملخصة في الزكاة ، ولا يستغني هذا الكتاب عن شرحها ، واستدللت على صحتها بالأسانيد الصحيحة عن الخلفاء والتابعين بقبولها واستعمالها بما فيه غنية لمن أناطها ، وقد كان إمامنا شعبة يقول في حديث عقبة بن عامر الجهني في الوضوء لأن يصح لي مثل هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كان أحب إلي من نفسي ومالي وأهلي ، وذاك حديث في صلاة التطوع فكيف بهذه السنن التي هي قواعد الإسلام ، والله الموفق وهو حسبي ونعم الوكيل " .

                                                                                            [ ص: 16 ]

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية