الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله { ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء ، ولا تسقط بتلف المال } هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، وعنه أنها تسقط إذا لم يفرط ، فيعتبر التمكن من الأداء مطلقا ، اختاره المصنف ، واختار الشيخ تقي الدين أن النصاب إذا تلف بغير تفريط من المالك لم يضمن الزكاة على الروايتين ، قال : واختاره طائفة من أصحابنا ، وذكر القاضي ، وابن عقيل رواية باعتبار إمكان الأداء في غير المال الظاهر ، وذكر أبو الحسين [ ص: 40 ] رواية : لا يسقط بتلف النصاب غير الماشية ، وقال المجد على الرواية الثانية تسقط في الأموال الظاهرة دون الباطنة ، نص عليه في رواية أبي عبد الله النيسابوري وغيره ، قال في الفروع : كذا قال ، وقال أبو حفص العكبري : روى أبو عبد الله النيسابوري : الفرق بين الماشية والمال ، والعمل على ما روى الجماعة : أنها كالمال . ذكره القاضي وغيره ، وقال في القواعد الفقهية : وعنه رواية ثانية تسقط الزكاة إذا تلف النصاب أو بعضه قبل التمكن من أداء الزكاة ، وبعد تمام الحول ، فمنهم من قال : هي عامة في جميع الأموال . ومنهم من خصها بالمال الباطن دون الظاهر ، ومنهم من عكس ذلك ، ومنهم من خصها بالمواشي .

تنبيه : يستثنى من عموم كلام المصنف وغيره : زكاة الزروع إذا تلفت بجائحة قبل القطع ، كأنها تسقط . وقد صرح به المصنف في باب زكاة الخارج من الأرض عند قوله " فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة " قال القواعد : اتفاقا ، قال : وخرج ابن عقيل [ وجها بوجوب زكاتها أيضا ، قال : وهو ضعيف مخالف للإجماع الذي حكاه ابن المنذر وغيره ، قلت : قد قاله ابن عقيل ، وذكره ابن عقيل ] في عمد الأدلة رواية ، ذكره ابن تميم ، قال في الفروع : وأظن في المغني أنه قال : قياس من جعل وقت الوجوب بدو الصلاح ، واشتداد الحب : أنه كنقص نصاب بعد الوجوب قبل التمكن . انتهى . ويأتي ذلك في باب زكاة الخارج من الأرض ، فعلى المذهب : لو النصاب بعد الحول وقبل التمكن من الأداء ضمنها ، وعلى الرواية الثانية : لا يضمنها ، وجزم في الكافي ، ونهاية أبي المعالي ، بالضمان وعلى المذهب أيضا : لو تلف النصاب ضمنها ، وعلى الرواية الثانية : لا يضمنها وظاهر كلام الخرقي : أنه لا يضمنها مطلقا ، واختاره في النصيحة ، وصاحب [ ص: 41 ] المستوعب ، والمصنف في المغني ، والشيخ تقي الدين . وذكره جماعة رواية عن الإمام أحمد ، ولو أمكنه إخراجها ، لكن خاف رجوع الساعي ، فهو كمن لم يمكنه إخراجها ، فلو نتجت السائمة لم تضم في حكم الحول الأول على المذهب ، وتضم على الثانية .

تنبيه : اختلف الأصحاب في مأخذ الخلاف في أصل المسألة ، فقيل : الخلاف هنا مبني على الخلاف في محل الزكاة ، فإن قيل في الذمة لم تسقط وإلا سقطت ، وهو قول الحلواني في التبصرة ، والسامري ، وقيل : إنه ظاهر كلام الخرقي ، وفي كلام الإمام أحمد إيماء إليه أيضا ، فتكون من جملة فوائد الخلاف . والصحيح من المذهب : أن هذه المسألة ليست مبنية على الخلاف في محل الزكاة : هل هي في الذمة أو في العين ؟ قال في القواعد : وهو قول القاضي والأكثرين ، وقدمه في الفروع ، ومن الفوائد قول المصنف { وإن كان أكثر من نصاب . فعليه زكاة جميعه لكل حول ، إن قلنا : تجب في الذمة ، وإن قلنا : تجب في العين ، نقص من زكاته لكل حول بقدر نقصه منها } .

التالي السابق


الخدمات العلمية