الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر ما يحدث منهم من القول استهزاء، أتبعه تأكيدا لزيادة كفرهم وتوضيحا لتصويره ما يحدث من فعلهم استهزاء من الإيمان والتغامز بالعيون فقال: وإذا وأكد بالنافي فقال: " ما " ولما كان الغرض نفس الإنزال لا تعيين المنزل بني للمفعول قوله: أنـزلت سورة أي طائفة من القرآن نظر بعضهم أي المنافقين إلى بعض أي متغامزين سخرية واستهزاء قائلين: هل يراكم وأكدوا العموم فقالوا: من أحد أي من المؤمنين إن انصرفتم، فإن يشق علينا [سماع مثل هذا، ويشق علينا] أن يطلع المؤمنون على هذا السر منا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان انصرافهم عن مثل هذا المقام مستهجنا، أشار إلى شدة قبحه بأداة التراخي فقال: ثم انصرفوا أي: إن لم يكن أحد يراهم، وإن رآهم أحد من المؤمنين تجشموا المشقة وثبتوا; ولما كانوا مستحقين لكل سوء أخبر عنهم في أسلوب الدعاء بقوله: صرف الله أي الذي له الغنى المطلق والكمال كله قلوبهم أي عن الإيمان; ثم علل ذلك بقوله: بأنهم قوم وإن كانوا ذوي قوة على ما يحاولونه فإنهم لا يفقهون أي قلوبهم مجبولة على عدم الفهم لما بها من الغلظة، [ ص: 55 ] وهذا دليل على ختام الآية قبلها، وهاتان الآيتان المختتمتان ب: لا يفقهون التاليتان للأمر بالجهاد في قوله: قاتلوا الذين يلونكم من الكفار الموازي - انفروا خفافا وثقالا الآية. - قد احتوتا مع وجازتهما على حاصل أوصاف المنافقين التالية لآية: انفروا المختتم ما هو العام منها في أهل الحاضرة في قوله: استأذنك أولو الطول منهم ب: يفقهون ثم عند إعادة ذكرهم ب: لا يعلمون وتصويب هاتين الآيتين إلى أهل الحاضرة ظاهر لكونهم ممن يحضر نزول الذكر كثيرا مع احتمالهما للعموم، والختم هنا ب: لا يفقهون أنسب؛ لأن المقام - وهو النظر في زيادة الإيمان بالنسبة إليهم - يقتضي فكرا وتأملا وإن كان بالنظر إلى المؤمنين في غاية الوضوح.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية