الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: يحمل الليل على النهار، ويحمل النهار على الليل، قاله ابن عباس . [ ص: 115 ] الثاني: يغشى الليل على النهار فيذهب ضوءه، ويغشى النهار على الليل فيذهب ظلمته، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: هو نقصان أحدهما عن الآخر، فيعود نقصان الليل في زيادة النهار ونقصان النهار في زيادة الليل، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل رابعا: يجمع الليل حتى ينتشر النهار، ويجمع النهار حتى ينتشر الليل.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: خلقكم من نفس واحدة يعني من آدم. ثم جعل منها زوجها يعني حواء. فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه خلقها من ضلع الخلف من آدم وهو أسفل الأضلاع ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه خلقها من مثل ما خلق منه آدم ، فيكون معنى قوله جعل منها أي من مثلها ، قاله ابن بحر . وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج قال قتادة : من الإبل اثنين ، ومن البقر اثنين ، ومن الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، كل واحد زوج. وفي قوله وأنزل وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: يعني جعل ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنزلها بعد أن خلقها في الجنة ، حكاه ابن عيسى . يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما ، قاله قتادة والسدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: خلقا في بطون أمهاتكم من بعد خلقكم في ظهر آدم ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل ثالثا: خلقا في ظهر الأب ثم خلقا في بطن الأم ثم خلقا بعد الوضع. في ظلمات ثلاث فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ظلمة صلب الرجل وظلمة بطن المرأة وظلمة الرحم، حكاه ابن [ ص: 116 ] عيسى. ويحتمل ثالثا: أنها ظلمة عتمة الليل التي تحيط بظلمة المشيمة مظلمة الأحشاء وظلمة البطن.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية