(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=28994وجعلنا ابن مريم وأمه ) أي قصتهما ، وهي ( آية ) عظمى بمجموعها ، وهي آيات مع التفصيل ، ويحتمل أن يكون حذف من الأول آية لدلالة الثاني أي وجعلنا ابن
مريم آية وأمه آية . والربوة هنا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب : الغوطة بدمشق ، وصفتها أنها (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ذات قرار ومعين ) على الكمال . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة :
رملة فلسطين . وقال
قتادة وكعب :
بيت المقدس ، وزعم أن في التوراة أن
بيت المقدس أقرب الأرض إلى السماء ، وأنه يزيد على أعلى الأرض ثمانية عشر ميلا . وقال
ابن زيد ووهب :
الربوة بأرض
مصر ، وسبب هذا الإيواء أن ملك ذلك الزمان عزم على قتل
عيسى ففرت به أمه إلى أحد هذه الأماكن التي ذكرها المفسرون . وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ربوة ) بضم الراء ، وهي لغة
قريش ،
والحسن وأبو عبد الرحمن وعاصم وابن عامر بفتحها ،
nindex.php?page=showalam&ids=11813وأبو إسحاق السبيعي بكسرها ،
وابن أبي إسحاق " رباوة " بضم الراء بالألف ، و
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي والأشهب العقيلي nindex.php?page=showalam&ids=14899والفرزدق والسلمي في نقل صاحب اللوامح بفتحها وبالألف . وقرئ بكسرها وبالألف . (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ذات قرار ) أي مستوية يمكن القرار فيها للحرث والغراسة ، والمعنى أنها من البقاع الطيبة . وعن
قتادة : ذات ثمار وماء ، يعني أنها لأجل الثمار يستقر فيها ساكنوها .
ونداء (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=51الرسل ) وخطابهم بمعنى نداء كل واحد وخطابه في زمانه إذ لم يجتمعوا في زمان واحد فينادون ويخاطبون فيه ، وإنما أتى بصورة الجمع ليعتقد السامع أن أمرا نودي له جميع الرسل ووصوا به حقيق أن يوحد به ويعمل عليه . وقيل : الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء بلفظ الجمع لقيامه مقام (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=51الرسل ) . وقيل : ليفهم بذلك أن هذه طريقة كل رسول كما تقول تخاطب تاجرا : يا تجار ، اتقوا الربا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : الخطاب ل
عيسى ، وروي أنه كان يأكل من غزل أمه ، والمشهور من بقل البرية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يقع هذا الإعلام عند إيواء
عيسى و
مريم إلى الربوة فذكر على سبيل الحكاية ، أي (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وآويناهما ) وقلنا لهما هذا الذي أعلمناهما أن الرسل كلهم خوطبوا بهذا ، وكلا مما رزقناكما واعملا صالحا اقتداء بالرسل ، والطيبات الحلال ، لذيذا كان أو غير لذيذ . وقيل : ما يستطاب ويستلذ من المآكل والفواكه ، ويشهد له (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ذات قرار ومعين ) ، وقدم الأكل من الطيبات على العمل الصالح دلالة على أنه لا يكون صالحا إلا مسبوقا بأكل الحلال .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=51إني بما تعملون عليم ) تحذير في الظاهر ، والمراد اتباعهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=52وإن هذه أمتكم ) الآية ، تقدم تفسير مثلها في أواخر الأنبياء . وقرأ الكوفيون ( وإن ) بكسر الهمزة والتشديد على الاستئناف ، والحرميان
وأبو عمرو بالفتح والتشديد أي
[ ص: 409 ] ولأن ، و
ابن عامر بالفتح والتخفيف وهي المخففة من الثقيلة ، ويدل على أن النداء للرسل نودي كل واحد منهم في زمانه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=52وإن هذه أمتكم ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=53فتقطعوا ) ، وجاء هنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=52وأنا ربكم فاتقون ) ، وهو أبلغ في التخويف والتحذير من قوله في الأنبياء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25فاعبدون ) ; لأن هذه جاءت عقيب إهلاك طوائف كثيرين من قوم
نوح والأمم الذين من بعدهم وفي الأنبياء ، وإن تقدمت أيضا قصة
نوح وما قبلها فإنه جاء بعدها ما يدل على الإحسان واللطف التام في قصة
أيوب و
يونس و
زكريا و
مريم ، فناسب الأمر بالعبادة لمن هذه صفته تعالى وجاء هنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=53فتقطعوا ) بالفاء ، إيذانا بأن التقطيع اعتقب الأمر بالتقوى ، وذلك مبالغة في عدم قبولهم وفي نفارهم عن توحيد الله وعبادته . وجاء في الأنبياء بالواو فاحتمل معنى الفاء ، واحتمل تأخر تقطعهم عن الأمر بالعبادة ، وفرح كل حزب بما لديه دليل على نعمته في ضلاله ، وأنه هو الذي ينبغي أن يعتقد وكأنه لا ريبة عنده في أنه الحق .
ولما ذكر تعالى من ذكر من الأمم ومآل أمرهم من الإهلاك حين كذبوا الرسل كان ذلك مثالا ل
قريش ، فخاطب رسوله في شأنهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28994فذرهم في غمرتهم حتى حين ) ، وهذا وعيد لهم حيث تقطعوا في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقائل هو شاعر ، وقائل ساحر ، وقائل به جنة ، كما تقطع من قبلهم من الأمم ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=53أتواصوا به بل هم قوم طاغون ) . قال
الكلبي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54في غمرتهم ) في جهالتهم . وقال
ابن بحر : في حيرتهم . وقال
ابن سلام : في غفلتهم . وقيل : في ضلالتهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54حتى حين ) حتى ينزل بهم الموت . وقيل : حتى يأتي ما وعدوا به من العذاب . وقيل : هو يوم
بدر . وقيل : هي منسوخة بآية السيف . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54في غمرتهم ) و
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب وأبو حيوة والسلمي " في غمراتهم " على الجمع ; لأن لكل واحد غمرة ، وعلى قراءة الجمهور فغمرة تعم إذا أضيفت إلى عام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الغمرة الماء الذي يغمر القامة فضربت مثلا لما هم مغمورون فيه من جهلهم وعمايتهم ، أو شبهوا باللاعبين في غمرة الماء لما هم عليه من الباطل ، قال الشاعر :
كأنني ضارب في غمرة لعب
سلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، ونهى عن الاستعجال بعذابهم والجزع من تأخره ، انتهى . ثم وقفهم تعالى على خطأ رأيهم في أن نعمة الله عليهم بالمال ونحوه إنما هي لرضاه عن حالهم ، وبين تعالى أن ذلك إنما هو إملاء واستدراج إلى المعاصي واستجرار إلى زيادة الإثم وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات ومعاجلة بالإحسان .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابن وثاب ( إنما نمدهم ) بكسر الهمزة . وقرأ
ابن كثير في رواية " يمدهم " بالياء ، وما في ( إنما ) إما بمعنى الذي أو مصدرية أو كافة مهيئة ، إن كانت بمعنى الذي فصلتها ما بعدها ، وخبر أن هي الجملة من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نسارع لهم في الخيرات ) والرابط لهذه الجملة ضمير محذوف لفهم المعنى تقديره : نسارع لهم به في الخيرات ، وحسن حذفه استطالة الكلام مع أمن اللبس . وتقدم نظيره في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أنما نمدهم به ) ، وقال
هشام بن معونة : الضرر الرابط هو الظاهر وهو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56في الخيرات ) وكان المعنى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نسارع لهم ) فيه ، ثم أظهر فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56في الخيرات ) فلا حذف على هذا التقدير ، وهذا يتمشى على مذهب
الأخفش في إجازته نحو : زيد قام
أبو عبد الله إذا كان
أبو عبد الله كنية
لزيد ، فالخيرات من حيث المعنى هي الذي مدوا به من المال والبنين ، وإن كانت ما مصدرية فالمسبوك منها ومما بعدها هو مصدر اسم إن ، وخبر إن هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نسارع ) على تقدير مسارعة ، فيكون الأصل أن نسارع ، فحذفت أن وارتفع الفعل ، والتقدير أيحسبون أن إمدادنا لهم بالمال والبنين مسارعة لهم في الخيرات . وإن كانت ما كافة مهيئة فهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي فيها هنا فلا تحتاج إلى ضمير ولا حذف ، ويجوز الوقف على (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55وبنين ) كما تقول حسبت إنما يقوم
زيد ، وحسبت أنك منطلق ، وجاز ذلك لأن ما بعد حسبت قد انتظم مسندا ومسندا إليه من حيث المعنى ، وإن كان في ما يقدره مفردا لأنه
[ ص: 410 ] ينسبك من أن وما بعدها مصدر .
وقرأ
السلمي وعبد الرحمن بن أبي بكرة " يسارع " بالياء وكسر الراء فإن كان فاعل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نسارع ) ضميرا يعود على ما بمعنى الذي ، أو على المصدر المنسبك من ما نمد فنسارع خبر لأن ولا ضمير ولا حذف أي يسارع هو أي الذي يمد ويسارع ، هو أي إمدادنا . وعن
ابن أبي بكرة المذكور بالياء وفتح الراء مبنيا للمفعول . وقرأ
الحر النحوي " نسرع " بالنون مضارع أسرع . (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56بل لا يشعرون ) إضراب عن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أيحسبون ) أي بل هم أشباه البهائم ; لا فطنة لهم ولا شعور ; فيتأملوا ويتفكروا : أهو استدراج أم مسارعة في الخير ، وفيه تهديد ووعيد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=28994وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ) أَيْ قِصَّتَهُمَا ، وَهِيَ ( آيَةٌ ) عُظْمَى بِمَجْمُوعِهَا ، وَهِيَ آيَاتٌ مَعَ التَّفْصِيلِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُذِفَ مِنَ الْأَوَّلِ آيَةٌ لِدَلَالَةِ الثَّانِي أَيْ وَجَعَلْنَا ابْنَ
مَرْيَمَ آيَةً وَأُمَّهُ آيَةً . وَالرَّبْوَةُ هُنَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَابْنُ الْمُسَيَّبِ : الْغُوطَةُ بِدِمَشْقَ ، وَصِفَتُهَا أَنَّهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) عَلَى الْكَمَالِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ :
رَمْلَةُ فِلَسْطِينَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ وَكَعْبٌ :
بَيْتُ الْمَقْدِسِ ، وَزَعَمَ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَقْرَبُ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ ، وَأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى أَعْلَى الْأَرْضِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ وَوَهْبٌ :
الرَّبْوَةُ بِأَرْضِ
مِصْرَ ، وَسَبَبُ هَذَا الْإِيوَاءِ أَنَّ مَلِكَ ذَلِكَ الزَّمَانِ عَزَمَ عَلَى قَتْلِ
عِيسَى فَفَرَّتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُفَسِّرُونَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50رَبْوَةٍ ) بِضَمِّ الرَّاءِ ، وَهِيَ لُغَةُ
قُرَيْشٍ ،
وَالْحَسَنُ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِفَتْحِهَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=11813وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ بِكَسْرِهَا ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ " رُبَاوَةٍ " بِضَمِّ الرَّاءِ بِالْأَلِفِ ، وَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14899وَالْفَرَزْدَقُ وَالسُّلَمِيُّ فِي نَقْلِ صَاحِبِ اللَّوَامِحِ بِفَتْحِهَا وَبِالْأَلِفِ . وَقُرِئَ بِكَسْرِهَا وَبِالْأَلِفِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ذَاتِ قَرَارٍ ) أَيْ مُسْتَوِيَةٍ يُمْكِنُ الْقَرَارُ فِيهَا لِلْحَرْثِ وَالْغِرَاسَةِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا مِنَ الْبِقَاعِ الطَّيِّبَةِ . وَعَنْ
قَتَادَةَ : ذَاتُ ثِمَارٍ وَمَاءٍ ، يَعْنِي أَنَّهَا لِأَجْلِ الثِّمَارِ يَسْتَقِرُّ فِيهَا سَاكِنُوهَا .
وَنِدَاءُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=51الرُّسُلُ ) وَخِطَابُهُمْ بِمَعْنَى نِدَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ وَخِطَابِهِ فِي زَمَانِهِ إِذْ لَمْ يَجْتَمِعُوا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ فَيُنَادَوْنَ وَيُخَاطَبُونَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا أَتَى بِصُورَةِ الْجَمْعِ لِيَعْتَقِدَ السَّامِعُ أَنَّ أَمْرًا نُودِيَ لَهُ جَمِيعُ الرُّسُلِ وَوُصُّوا بِهِ حَقِيقٌ أَنْ يُوَحَّدَ بِهِ وَيُعْمَلَ عَلَيْهِ . وَقِيلَ : الْخِطَابُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=51الرُّسُلُ ) . وَقِيلَ : لِيَفْهَمَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ كُلِّ رَسُولٍ كَمَا تَقُولُ تُخَاطِبُ تَاجِرًا : يَا تُجَّارُ ، اتَّقُوا الرِّبَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : الْخِطَابُ لِ
عِيسَى ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ غَزْلِ أُمِّهِ ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ بَقْلِ الْبَرِّيَّةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ هَذَا الْإِعْلَامُ عِنْدَ إِيوَاءِ
عِيسَى وَ
مَرْيَمَ إِلَى الرَّبْوَةِ فَذُكِرَ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ ، أَيْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وَآوَيْنَاهُمَا ) وَقُلْنَا لَهُمَا هَذَا الَّذِي أَعْلَمْنَاهُمَا أَنَّ الرُّسُلَ كُلَّهُمْ خُوطِبُوا بِهَذَا ، وَكُلَا مِمَّا رَزَقْنَاكُمَا وَاعْمَلَا صَالِحًا اقْتِدَاءً بِالرُّسُلِ ، وَالطَّيِّبَاتُ الْحَلَالُ ، لَذِيذًا كَانَ أَوْ غَيْرَ لَذِيذٍ . وَقِيلَ : مَا يُسْتَطَابُ وَيُسْتَلَذُّ مِنَ الْمَآكِلِ وَالْفَوَاكِهِ ، وَيَشْهَدُ لَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) ، وَقَدَّمَ الْأَكْلَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ صَالِحًا إِلَّا مَسْبُوقًا بِأَكْلِ الْحَلَالِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=51إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) تَحْذِيرٌ فِي الظَّاهِرِ ، وَالْمُرَادُ اتِّبَاعُهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=52وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ ) الْآيَةَ ، تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِهَا فِي أَوَاخِرِ الْأَنْبِيَاءِ . وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ ( وَإِنَّ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالتَّشْدِيدِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ، وَالْحَرَمِيَّانِ
وَأَبُو عَمْرٍو بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ أَيْ
[ ص: 409 ] وَلِأَنَّ ، و
ابْنُ عَامِرٍ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ وَهِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ النِّدَاءَ لِلرُّسُلِ نُودِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي زَمَانِهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=52وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=53فَتَقَطَّعُوا ) ، وَجَاءَ هُنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=52وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ) ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي التَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْأَنْبِيَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25فَاعْبُدُونِ ) ; لِأَنَّ هَذِهِ جَاءَتْ عَقِيبَ إِهْلَاكِ طَوَائِفَ كَثِيرِينَ مِنْ قَوْمِ
نُوحٍ وَالْأُمَمِ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَفِي الْأَنْبِيَاءِ ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ أَيْضًا قِصَّةُ
نُوحٍ وَمَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُ جَاءَ بَعْدَهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِحْسَانِ وَاللُّطْفِ التَّامِّ فِي قِصَّةِ
أَيُّوبَ وَ
يُونُسَ وَ
زَكَرِيَّا وَ
مَرْيَمَ ، فَنَاسَبَ الْأَمْرَ بِالْعِبَادَةِ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ تَعَالَى وَجَاءَ هُنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=53فَتَقَطَّعُوا ) بِالْفَاءِ ، إِيذَانًا بِأَنَّ التَّقْطِيعَ اعْتَقَبَ الْأَمْرَ بِالتَّقْوَى ، وَذَلِكَ مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ قَبُولِهِمْ وَفِي نِفَارِهِمْ عَنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ . وَجَاءَ فِي الْأَنْبِيَاءِ بِالْوَاوِ فَاحْتَمَلَ مَعْنَى الْفَاءِ ، وَاحْتَمَلَ تَأَخُّرَ تَقَطُّعِهِمْ عَنِ الْأَمْرِ بِالْعِبَادَةِ ، وَفَرَحُ كُلِّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى نِعْمَتِهِ فِي ضَلَالِهِ ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَدَ وَكَأَنَّهُ لَا رِيبَةَ عِنْدَهُ فِي أَنَّهُ الْحَقُّ .
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَنْ ذَكَرَ مِنَ الْأُمَمِ وَمَآلِ أَمْرِهِمْ مِنَ الْإِهْلَاكِ حِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ كَانَ ذَلِكَ مِثَالًا لِ
قُرَيْشٍ ، فَخَاطَبَ رَسُولَهُ فِي شَأْنِهِمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28994فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ ) ، وَهَذَا وَعِيدٌ لَهُمْ حَيْثُ تَقَطَّعُوا فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَائِلٌ هُوَ شَاعِرٌ ، وَقَائِلٌ سَاحِرٌ ، وَقَائِلٌ بِهِ جِنَّةٌ ، كَمَا تَقَطَّعَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=53أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) . قَالَ
الْكَلْبِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54فِي غَمْرَتِهِمْ ) فِي جَهَالَتِهِمْ . وَقَالَ
ابْنُ بَحْرٍ : فِي حَيْرَتِهِمْ . وَقَالَ
ابْنُ سَلَامٍ : فِي غَفْلَتِهِمْ . وَقِيلَ : فِي ضَلَالَتِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54حَتَّى حِينٍ ) حَتَّى يَنْزِلَ بِهِمُ الْمَوْتُ . وَقِيلَ : حَتَّى يَأْتِيَ مَا وُعِدُوا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ . وَقِيلَ : هُوَ يَوْمُ
بَدْرٍ . وَقِيلَ : هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54فِي غَمْرَتِهِمْ ) وَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو حَيْوَةَ وَالسُّلَمِيُّ " فِي غَمَرَاتِهِمْ " عَلَى الْجَمْعِ ; لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ غَمْرَةً ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ فَغَمْرَةٌ تَعُمُّ إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى عَامٍّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْغَمْرَةُ الْمَاءُ الَّذِي يَغْمُرُ الْقَامَةَ فَضُرِبَتْ مَثَلًا لِمَا هُمْ مَغْمُورُونَ فِيهِ مِنْ جَهْلِهِمْ وَعَمَايَتِهِمْ ، أَوْ شُبِّهُوا بِاللَّاعِبِينَ فِي غَمْرَةِ الْمَاءِ لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
كَأَنَّنِي ضَارِبٌ فِي غَمْرَةٍ لَعِبُ
سَلَّى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ ، وَنَهَى عَنِ الِاسْتِعْجَالِ بِعَذَابِهِمْ وَالْجَزَعِ مِنْ تَأَخُّرِهِ ، انْتَهَى . ثُمَّ وَقَفَهُمْ تَعَالَى عَلَى خَطَأِ رَأْيِهِمْ فِي أَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالْمَالِ وَنَحْوِهِ إِنَّمَا هِيَ لِرِضَاهُ عَنْ حَالِهِمْ ، وَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ إِمْلَاءٌ وَاسْتِدْرَاجٌ إِلَى الْمَعَاصِي وَاسْتِجْرَارٌ إِلَى زِيَادَةِ الْإِثْمِ وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ مُسَارَعَةً لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ وَمُعَاجَلَةً بِالْإِحْسَانِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابْنُ وَثَّابٍ ( إِنَّمَا نُمِدُّهُمْ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ فِي رِوَايَةٍ " يُمِدُّهُمْ " بِالْيَاءِ ، وَمَا فِي ( إِنَّمَا ) إِمَّا بِمَعْنَى الَّذِي أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ أَوْ كَافَّةٌ مُهَيِّئَةٌ ، إِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الَّذِي فَصِلَتُهَا مَا بَعْدَهَا ، وَخَبَرُ أَنَّ هِيَ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ) وَالرَّابِطُ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ ضَمِيرٌ مَحْذُوفٌ لِفَهْمِ الْمَعْنَى تَقْدِيرُهُ : نُسَارِعُ لَهُمْ بِهِ فِي الْخَيْرَاتِ ، وَحَسَّنَ حَذْفَهُ اسْتِطَالَةُ الْكَلَامِ مَعَ أَمْنِ اللَّبْسِ . وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ ) ، وَقَالَ
هِشَامُ بْنُ مَعُونَةَ : الضَّرَرُ الرَّابِطُ هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56فِي الْخَيْرَاتِ ) وَكَانَ الْمَعْنَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نُسَارِعُ لَهُمْ ) فِيهِ ، ثُمَّ أُظْهِرَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56فِي الْخَيْرَاتِ ) فَلَا حَذْفَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ، وَهَذَا يَتَمَشَّى عَلَى مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ فِي إِجَازَتِهِ نَحْوَ : زَيْدٌ قَامَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِذَا كَانَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كُنْيَةً
لِزَيْدٍ ، فَالْخَيْرَاتُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى هِيَ الَّذِي مُدُّوا بِهِ مِنَ الْمَالِ وَالْبَنِينَ ، وَإِنْ كَانَتْ مَا مَصْدَرِيَّةً فَالْمَسْبُوكُ مِنْهَا وَمِمَّا بَعْدَهَا هُوَ مَصْدَرُ اسْمِ إِنَّ ، وَخَبَرُ إِنَّ هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نُسَارِعُ ) عَلَى تَقْدِيرِ مُسَارَعَةٍ ، فَيَكُونُ الْأَصْلُ أَنْ نُسَارِعَ ، فَحُذِفَتْ أَنْ وَارْتَفَعَ الْفِعْلُ ، وَالتَّقْدِيرُ أَيَحْسَبُونَ أَنَّ إِمْدَادَنَا لَهُمْ بِالْمَالِ وَالْبَنِينَ مُسَارَعَةٌ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ . وَإِنْ كَانَتْ مَا كَافَّةً مُهَيِّئَةً فَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ فِيهَا هُنَا فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى ضَمِيرٍ وَلَا حَذْفٍ ، وَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55وَبَنِينَ ) كَمَا تَقُولُ حَسِبْتُ إِنَّمَا يَقُومُ
زَيْدٌ ، وَحَسِبْتُ أَنَّكَ مُنْطَلِقٌ ، وَجَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا بَعْدَ حَسِبْتُ قَدِ انْتَظَمَ مُسْنَدًا وَمُسْنَدًا إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ، وَإِنْ كَانَ فِي مَا يُقَدِّرُهُ مُفْرَدًا لِأَنَّهُ
[ ص: 410 ] يَنْسَبِكُ مِنْ أَنْ وَمَا بَعْدَهَا مَصْدَرٌ .
وَقَرَأَ
السُّلَمِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ " يُسَارِعُ " بِالْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ فَإِنْ كَانَ فَاعِلُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نُسَارِعُ ) ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى مَا بِمَعْنَى الَّذِي ، أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ مِنْ مَا نُمِدُّ فَنُسَارِعُ خَبَرٌ لِأَنَّ وَلَا ضَمِيرَ وَلَا حَذْفَ أَيْ يُسَارِعُ هُوَ أَيِ الَّذِي يُمِدُّ وَيُسَارِعُ ، هُوَ أَيْ إِمْدَادُنَا . وَعَنِ
ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ الْمَذْكُورُ بِالْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . وَقَرَأَ
الْحُرُّ النَّحْوِيُّ " نُسْرِعُ " بِالنُّونِ مُضَارِعُ أَسْرَعَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56بَل لَا يَشْعُرُونَ ) إِضْرَابٌ عَنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أَيَحْسَبُونَ ) أَيْ بَلْ هُمْ أَشْبَاهُ الْبَهَائِمِ ; لَا فِطْنَةَ لَهُمْ وَلَا شُعُورَ ; فَيَتَأَمَّلُوا وَيَتَفَكَّرُوا : أَهُوَ اسْتِدْرَاجٌ أَمْ مُسَارَعَةٌ فِي الْخَيْرِ ، وَفِيهِ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ .