الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 612 ] 88 - قوله: (ص): "وما صححه (أي الخطيب ) فهو الصحيح في الفقه وأصوله" .

أقول: الذي صححه الخطيب - شرطه أن يكون الراوي عدلا ضابطا.

أما الفقهاء والأصوليون، فيقبلون ذلك من العدل مطلقا، وبين الأمرين فرق كثير .

وهنا شيء يتعين التنبيه عليه وهو: أنهم شرطوا في الصحيح أن لا يكون شاذا، وفسروا الشاذ بأنه ما رواه الثقة فخالفه من هو أضبط منه أو أكثر عددا ثم قالوا: تقبل الزيادة من الثقة مطلقا.

وبنوا على ذلك أن من وصل معه زيادة ، فينبغي تقديم خبره على من أرسل مطلقا.

فلو اتفق أن يكون من أرسل أكثر عددا أو أضبط حفظا أو كتابا على من وصل أيقبلونه أم لا؟ أم هل يسمونه شاذا أم لا؟

لا بد من الإتيان بالفرق أو الاعتراف بالتناقض.

[ ص: 613 ] والحق في هذا أن زيادة الثقة لا تقبل دائما ، ومن أطلق ذلك عن الفقهاء والأصوليين، فلم يصب. وإنما يقبلون ذلك إذا استووا في الوصف ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظا ولا معنى.

وممن صرح بذلك الإمام فخر الدين وابن الأبياري - شارح البرهان - وغيرهما. وقال ابن السمعاني : "إذا كان راوي الناقصة لا يغفل أو كانت الدواعي تتوفر على نقلها أو كانوا جماعة لا يجوز عليهم أن يغفلوا عن تلك الزيادة وكان المجلس واحدا فالحق أن لا يقبل رواية راوي الزيادة هذا الذي ينبغي. انتهى.

وإنما أردت بإيراد هذا بيان أن الأصوليين لم يطبقوا على القبول مطلقا، بل الخلاف بينهم.

وسأحكي إن شاء الله تعالى كلام أئمة الحديث وغيرهم في ذلك في النوع السادس عشر حيث تكلم المصنف على زيادات الثقات - والله أعلم -.

التالي السابق


الخدمات العلمية