الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 233 ] خبر قصي بن كلاب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وما كان من أمره في ارتجاعه ولاية البيت إلى قريش ، وانتزاعه ذلك من خزاعة ، واجتماع قريش إلى الحرم الذي جعله الله تعالى أمنا للعباد ، بعد تفرقها في البلاد ، وتمزقها في الجبال والمهاد ، وذلك أنه لما مات أبوه كلاب تزوج أمه ربيعة بن حرام من عذرة ، وخرج بها وبه إلى بلاده ، ثم قدم قصي مكة وهو شاب فتزوج حبى ابنة رئيس خزاعة حليل بن حبشية فأما خزاعة فتزعم أن حليلا أوصى إلى قصي بولاية البيت ، لما رأى من كثرة نسله من ابنته ، وقال : أنت أحق بذلك مني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : ولم نسمع ذلك إلا منهم . وأما غيرهم فإنهم يزعمون أنه استجاش بإخوته من أمه - وكان رئيسهم رزاح بن ربيعة - وإخوة إخوته ، وبني كنانة وقضاعة ، ومن حول مكة من قريش وغيرهم فأجلاهم عن البيت ، واستقل هو بولاية البيت; إلا أن إجازة الحجيج كانت إلى صوفة ، وهم بنو الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر فكان الناس لا يرمون الجمار حتى يرموا ولا ينفرون من منى [ ص: 234 ] حتى ينفروا فلم يزل كذلك فيهم حتى انقرضوا فورثهم ذلك بالقعدد بنو سعد بن زيد مناة بن تميم فكان أولهم صفوان بن الحارث بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم وكان ذلك في بيته حتى قام على آخرهم الإسلام وهو كرب بن صفوان ، وكانت الإجازة من المزدلفة في عدوان حتى قام الإسلام على آخرهم وهو أبو سيارة عميلة بن الأعزل ، وقيل اسمه العاص بن خالد وكان يجيز بالناس على أتان له عوراء مكث يدفع عليها في الموقف أربعين سنة وهو أول من جعل الدية مائة ، وأول من كان يقول : أشرق ثبير كيما نغير حكاه السهيلي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان عامر بن الظرب العدواني ، لا يكون بين العرب نائرة إلا تحاكموا إليه فيرضون بما يقضي به فتحاكموا إليه مرة في ميراث خنثى فبات ليلته ساهرا يتروى ماذا يحكم به فرأته جارية له كانت ترعى عليه غنمه اسمها سخيلة فقالت له : ما لك - لا أبالك - الليلة ساهرا ؟ فذكر لها ما هو مفكر فيه ، وقال : لعلها يكون عندها في ذلك شيء فقالت : أتبع القضاء المبال . فقال : فرجتها والله يا سخيلة . وحكم بذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال السهيلي : وهذا الحكم من باب الاستدلال بالأمارات [ ص: 235 ] والعلامات ، وله أصل في الشرع ، قال الله تعالى وجاءوا على قميصه بدم كذب [ يوسف : 18 ] حيث لا أثر لأنياب الذئب فيه ، وقال تعالى إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين [ يوسف : 26 ] وفي الحديث أنظروها فإن جاءت به أورق جعدا جماليا فهو الذي رميت به قال ابن إسحاق : وكان النسيء في بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر . قال ابن إسحاق : وكان أول من نسأ الشهور على العرب القلمس ، وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عدي ، ثم قام بعده ابنه عباد ، ثم قلع بن عباد ، ثم أمية بن قلع ، ثم عوف بن أمية ، ثم كان آخرهم أبو ثمامة جنادة بن عوف بن قلع بن عباد بن حذيفة وهو القلمس فعلى أبي ثمامة قام الإسلام . وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه فخطبهم فحرم الأشهر الحرم فإذا أراد أن يحل منها شيئا أحل المحرم ، وجعل مكانه صفرا ; ليواطئوا عدة ما حرم الله فيقول : اللهم إني أحللت أحد الصفرين الصفر الأول ، وأنسأت الآخر للعام المقبل فتتبعه العرب في ذلك ففي ذلك يقول عمير بن قيس أحد بني [ ص: 236 ] فراس بن غنم بن مالك بن كنانة ، ويعرف عمير بن قيس هذا بجذل الطعان


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لقد علمت معد أن قومي كرام الناس أن لهم كراما


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فأي الناس فاتونا بوتر     وأي الناس لم نعلك لجاما


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألسنا الناسئين على معد     شهور الحل نجعلها حراما

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان قصي في قومه سيدا رئيسا مطاعا معظما والمقصود أنه جمع قريشا من متفرقات مواضعهم من جزيرة العرب ، واستعان بمن أطاعه من أحياء العرب على حرب خزاعة ، وإجلائهم عن البيت ، وتسليمه إلى قصي فكان بينهم قتال كثير ، ودماء غزيرة ، ثم تداعوا إلى التحكيم فتحاكموا إلى يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فحكم بأن قصيا أولى بالبيت من خزاعة ، وأن كل دم أصابه قصي من خزاعة ، وبني بكر موضوع يشدخه تحت قدميه ، وأن ما أصابته خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة ففيه الدية مؤداة ، وأن يخلى بين قصي وبين مكة والكعبة فسمي يعمر يومئذ الشداخ .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : فولي قصي البيت ، وأمر مكة ، وجمع قومه من منازلهم [ ص: 237 ] إلى مكة ، وتملك على قومه ، وأهل مكة فملكوه إلا أنه أقر العرب على ما كانوا عليه ; لأنه يرى ذلك دينا في نفسه ، لا ينبغي تغييره فأقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومرة بن عوف على ما كانوا عليه حتى جاء الإسلام فهدم الله به ذلك كله . قال : فكان قصي أول بني كعب أصاب ملكا أطاع له به قومه ، فكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء فحاز شرف مكة كله ، وقطع مكة رباعا بين قومه فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : فرجع الحق إلى نصابه ورد شارد العدل بعد إيابه ، واستقرت بقريش الدار ، وقضت من خزاعة المراد والأوطار ، وتسلمت بيتهم العتيق القديم ، لكن بما أحدثت خزاعة من عبادة الأوثان ، ونصبها إياها حول الكعبة ، ونحرهم لها ، وتضرعهم عندها ، واستنصارهم بها ، وطلبهم الرزق منها ، وأنزل قصي قبائل قريش أباطح مكة ، وأنزل طائفة منهم ظواهرها فكان يقال : قريش البطاح ، وقريش الظواهر فكانت لقصي بن كلاب جميع الرئاسة ; من حجابة البيت وسدانته واللواء ، وبنى دارا لإزاحة الظلمات ، وفصل الخصومات سماها دار الندوة إذا أعضلت قضية ، اجتمع الرؤساء من كل قبيلة فاشتوروا فيها وفصلوها ولا يعقد عقد لواء ولا عقد نكاح إلا بها ، [ ص: 238 ] ولا تبلغ جارية أن تدرع فتدرع إلا بها وكان باب هذه الدار إلى المسجد الحرام ، ثم صارت هذه الدار فيما بعد ، إلى حكيم بن حزام بعد بني عبد الدار فباعها في زمن معاوية بمائة ألف درهم فلامه على بيعها معاوية ، وقال : بعت مكرمة قومك ، وشرفهم بمائة ألف ؟ فقال : إنما الشرف اليوم بالتقوى والله لقد ابتعتها في الجاهلية بزق خمر ، وها أنا قد بعتها بمائة ألف ، وأشهدكم أن ثمنها صدقة في سبيل الله فأينا المغبون ؟ذكره الدارقطني في أسماء رجال الموطأ .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكانت إلى قصي سقاية الحجيج فلا يشربون إلا من ماء حياضه ، وكانت زمزم إذ ذاك مطموسة من زمن جرهم قد تناسوا أمرها من تقادم عهدها ولا يهتدون إلى موضعها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الواقدي : وكان قصي أول من أحدث وقيد النار بالمزدلفة; ليهتدي إليها من يأتي من عرفات ، وأول من أحدث الرفادة ، وهي إطعام الحجيج أيام الموسم ، إلى أن يخرجوا راجعين إلى بلادهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : وذلك أن قصيا فرضه على قريش فقال لهم : يا [ ص: 239 ] معشر قريش إنكم جيران الله وأهل مكة ، وأهل الحرم ، وإن الحاج ضيف الله ، وزوار بيته ، وهم أحق بالضيافة فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم ففعلوا فكانوا يخرجون لذلك في كل عام من أموالهم خرجا فيدفعونه إليه فيصنعه طعاما للناس أيام منى فجرى ذلك من أمره في الجاهلية حتى قام الإسلام ، ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : ثم انقطع هذا بعد ابن إسحاق ، ثم أمر باخراج طائفة من بيت المال فيصرف في حمل زاد وماء لأبناء السبيل القاصدين إلى الحج . وهذا صنيع حسن من وجوه يطول ذكرها ، ولكن الواجب أن يكون ذلك من خالص بيت المال من أجل ما فيه والأولى أن يكون من جوالي الذمة ; لأنهم لا يحجون البيت العتيق وقد جاء في الحديث من استطاع الحج فلم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا . .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال قائلهم في مدح قصي ، وشرفه في قومه


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قصي لعمري كان يدعى مجمعا     به جمع الله القبائل من فهر


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      همو ملئوا البطحاء مجدا وسؤددا     وهم طردوا عنا غواة بني بكر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 240 ] قال ابن إسحاق : ولما فرغ قصي من حربه ، انصرف أخوه رزاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه ، وإخوته من أبيه الثلاثة ، وهم حن ومحمود وجلهمة ، قال رزاح في إجابته قصيا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما أتى من قصي رسول     فقال الرسول أجيبوا الخليلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نهضنا إليه نقود الجياد     ونطرح عنا الملول الثقيلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نسير بها الليل حتى الصباح     ونكمي النهار لئلا نزولا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فهن سراع كورد القطا     يجبن بنا من قصي رسولا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      جمعنا من السر من أشمذين     ومن كل حي جمعنا قبيلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيالك حلبة ما ليلة تزيد     على الألف سيبا رسيلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فلما مررن على عسجر     وأسهلن من مستناخ سبيلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وجاوزن بالركن من ورقان     وجاوزن
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بالعرج حيا حلولا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 241 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      مررن على الحل ما ذقنه     وعالجن من مر ليلا طويلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ندني من العوذ أفلاءها     إرادة أن يسترقن الصهيلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فلما انتهينا إلى مكة     أبحنا الرجال قبيلا قبيلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نعاورهم ثم حد السيوف     وفي كل أوب خلسنا العقولا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نخبزهم بصلاب النسور     خبز القوي العزيز الذليلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قتلنا خزاعة في دارها     وبكرا قتلنا ، وجيلا فجيلا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نفيناهم من بلاد المليك     كما لا يحلون أرضا سهولا


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فأصبح سيبهم في الحديد     ومن كل حي شفينا الغليلا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : فلما رجع رزاح إلى بلاده نشره الله ، ونشر حنا فهما قبيلا عذرة إلى اليوم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : وقال قصي بن كلاب في ذلك :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أنا ابن العاصمين بني لؤي بمكة منزلي وبها ربيت


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إلى البطحاء قد علمت معد     ومروتها رضيت بها رضيت

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 242 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فلست لغالب إن لم تأثل     بها أولاد قيدر والنبيت


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      رزاح ناصري وبه أسامي     فلست أخاف ضيما ما حييت

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر الأموي عن الأشرم عن أبي عبيدة عن محمد بن حفص أن رزاحا إنما قدم بعدما نفى قصي خزاعة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية