الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                668 669 ص: ومما يدل أيضا على أن هذه الآية تنفي ما فعلوا من ذلك، أن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- وهو الذي روى ذلك عن النبي -عليه السلام- قد روي عنه في التيمم الذي عمله بعد ذلك خلاف ذلك، فمنه: ما حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه: " أن عمار بن ياسر سأل النبي -عليه السلام- عن التيمم، فأمره بالوجه والكفين". .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي ومن جملة الدليل الذي يدل على أن آية التيمم تنفي وترد ما كان الصحابة قد فعلوا من ذلك، أي: من تيممهم إلى الآباط والمناكب، أن عمار بن ياسر وهو الذي روى ذلك الفعل عن النبي -عليه السلام- قد روي عنه أيضا في صفة التيمم الذي عمله بعد ذلك، خلاف ذلك، فدل أن المتأخر ناسخ لما قد كان أولا، كما قد ذكرناه.

                                                [ ص: 417 ] وقوله: "أن عمار بن ياسر" في محل الرفع على أنه فاعل "يدل"، والواو في قوله: "وهو الذي روى" للحال.

                                                قوله: "فمنه ما حدثنا" أي: فمن الذي دل على نفي ما فعلوا أولا: حديث عبد الرحمن بن أبزى .

                                                أخرجه عن علي بن معبد بن نوح المصري ، عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن عزرة - بفتح العين المهملة وسكون الزاي المعجمة وفتح الراء - بن عبد الرحمن الكوفي الأعور ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى - بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة بعد الزاي المعجمة - عن أبيه، عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي، مختلف في صحبته.

                                                وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم .

                                                وأخرجه أبو داود: نا محمد بن المنهال نا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه، عن عمار بن ياسر قال: "سألت النبي -عليه السلام- عن التيمم، فأمرني ضربة واحدة (بالوجه) والكفين".

                                                وأخرجه الترمذي: عن عمرو بن علي الفلاس ، عن يزيد بن زريع.. إلى آخره نحوه، وقال: حديث عمار حديث حسن صحيح.

                                                فهذا يدل على أن ما كان من رواية عمار التي [فيها]: "إلى الآباط والمناكب" قد نسخ بهذه الرواية.

                                                فإن قيل: كيف تستدلون بهذا على مذهبكم، وهو لا يقتضي إلا أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين؟

                                                [ ص: 418 ] قلت: نحن لا نستدل بهذا إلا على انتساخ ما كان روى عمار من أن التيمم إلى الآباط والمناكب، وأما كون التيمم بضربتين: ضربة للوجه، وضربة للكفين إلى المرفقين، فبأحاديث غير ذلك على ما نذكره، إن شاء الله تعالى.




                                                الخدمات العلمية