[ ص: 366 ] nindex.php?page=treesubj&link=19775_31848_31869_33177_34370_34371_34513_844_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون
قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا إني أسكنت من ذريتي " في " من " قولان :
أحدهما : أنها للتبعيض ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش ،
nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء .
والثاني : أنها للتوكيد . والمعنى : أسكنت ذريتي ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37بواد غير ذي زرع يعني :
مكة ، ولم يكن فيها حرث ولا ماء عند "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37بيتك المحرم " إنما سمي محرما ، لأنه يحرم استحلال محرماته والاستخفاف بحقه .
فإن قيل : ما وجه قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37عند بيتك المحرم " ولم يكن هناك بيت حينئذ ، إنما بناه
إبراهيم بعد ذلك بمدة ؟
فالجواب من ثلاثة وجوه :
أحدها : أن الله تعالى حرم موضع
البيت منذ خلق السموات والأرض ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب .
والثاني : عند بيتك الذي كان قبل أن يرفع أيام الطوفان .
والثالث : عند بيتك الذي قد جرى في سابق علمك أنه يحدث هاهنا ذكرهما
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12033أبو سليمان الدمشقي يقول : ظاهر الكلام يدل على أن هذا الدعاء إنما كان بعد أن بني
البيت وصارت
مكة بلدا . والمفسرون على خلاف ما قال . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أن
إبراهيم خرج من
الشام ومعه ابنه
إسماعيل وأمه
هاجر ومعه
جبريل حتى قدم
مكة وبها ناس يقال لهم :
العماليق ، خارجا من
[ ص: 367 ] مكة ، والبيت يومئذ ربوة حمراء ، فقال
إبراهيم لجبريل : أهاهنا أمرت أن أضعهما ؟ قال : نعم ; فأنزلهما في مكان من الحجر ، وأمر
هاجر أن تتخذ فيه عريشا ، ثم قال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا إني أسكنت من ذريتي . . . " الآية . وفتح أهل
الحجاز nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ياء " إني أسكنت " .
قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا ليقيموا الصلاة " في متعلق هذه اللام قولان :
أحدهما : أنها تتعلق بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " فالمعنى : جنبهم الأصنام ليقيموا الصلاة ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل .
والثاني : أنها تتعلق بقوله : " أسكنت " فالمعنى : أسكنتهم عند بيتك ليقيموا الصلاة ، لأن البيت قبلة الصلوات ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37فاجعل أفئدة من الناس " أي : قلوب جماعة من الناس . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : وإنما عبر عن القلوب بالأفئدة ، لقرب القلب من الفؤاد ومجاورته ، قال
امرؤ القيس :
رمتني بسهم أصاب الفؤاد غداة الرحيل فلم أنتصر
وقال آخر :
كأن فؤادي كلما مر راكب جناح غراب رام نهضا إلى وكر
وقال آخر :
وإن فؤادا قادني لصبابة إليك على طول الهوى لصبور
يعنون : بالفؤاد : القلب .
قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37تهوي إليهم " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تحن إليهم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة :
[ ص: 368 ] تنزع إليهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : تريدهم ، كما تقول : رأيت فلانا يهوي نحوك ، أي : يريدك . وقرأ بعضهم : " تهوى إليهم " بمعنى : تهواهم ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=72ردف لكم [النمل :72] . أي : ردفكم . و " إلى " توكيد للكلام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : " تهوي إليهم " : تنحط إليهم وتنحدر .
وفي معنى هذا الميل قولان :
أحدهما : أنه الميل إلى الحج ، قاله الأكثرون .
والثاني : أنه حب سكنى
مكة ، رواه
عطية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لو كان
إبراهيم قال : فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم ، لحجه اليهود والنصارى ، ولكنه قال : من الناس .
[ ص: 366 ] nindex.php?page=treesubj&link=19775_31848_31869_33177_34370_34371_34513_844_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ
قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي " فِي " مِنْ " قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13674الْأَخْفَشُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا لِلتَّوْكِيدِ . وَالْمَعْنَى : أَسْكَنْتُ ذُرِّيَّتِي ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ يَعْنِي :
مَكَّةَ ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا حَرْثٌ وَلَا مَاءٌ عِنْدَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ " إِنَّمَا سُمِّيَ مُحَرَّمًا ، لِأَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِحْلَالُ مُحَرَّمَاتِهِ وَالِاسْتِخْفَافُ بِحَقِّهِ .
فَإِنْ قِيلَ : مَا وَجْهُ قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ " وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيْتٌ حِينَئِذٍ ، إِنَّمَا بَنَاهُ
إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ ؟
فَالْجَوَابُ مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مَوْضِعَ
الْبَيْتِ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابْنُ السَّائِبِ .
وَالثَّانِي : عِنْدَ بَيْتِكَ الَّذِي كَانَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ أَيَّامَ الطُّوفَانِ .
وَالثَّالِثُ : عِنْدَ بَيْتِكَ الَّذِي قَدْ جَرَى فِي سَابِقِ عِلْمِكَ أَنَّهُ يَحْدُثُ هَاهُنَا ذَكَرَهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12033أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ يَقُولُ : ظَاهِرُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ أَنْ بُنِيَ
الْبَيْتُ وَصَارَتْ
مَكَّةُ بَلَدًا . وَالْمُفَسِّرُونَ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابْنُ أَبِي نُجَيْحٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ خَرَجَ مِنَ
الشَّامِ وَمَعَهُ ابْنُهُ
إِسْمَاعِيلُ وَأُمُّهُ
هَاجَرُ وَمَعَهُ
جِبْرِيلُ حَتَّى قَدِمَ
مَكَّةَ وَبِهَا نَاسٌ يُقَالُ لَهُمُ :
الْعَمَالِيقُ ، خَارِجًا مِنْ
[ ص: 367 ] مَكَّةَ ، وَالْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ رَبْوَةٌ حَمْرَاءُ ، فَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ لِجِبْرِيلَ : أَهَاهُنَا أُمِرْتُ أَنْ أَضَعَهُمَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ; فَأَنْزَلَهُمَا فِي مَكَانٍ مِنَ الْحِجْرِ ، وَأَمَرَ
هَاجَرَ أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِ عَرِيشًا ، ثُمَّ قَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي . . . " الْآيَةُ . وَفَتَحَ أَهْلُ
الْحِجَازِ nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو يَاءَ " إِنِّيَ أَسْكَنْتُ " .
قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ " فِي مُتَعَلَّقِ هَذِهِ اللَّامِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=35وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ " فَالْمَعْنَى : جَنِّبْهُمُ الْأَصْنَامَ لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=17132مُقَاتِلٍ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ : " أَسْكَنْتُ " فَالْمَعْنَى : أَسْكَنْتُهُمْ عِنْدَ بَيْتِكَ لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، لِأَنَّ الْبَيْتَ قِبْلَةُ الصَّلَوَاتِ ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ " أَيْ : قُلُوبُ جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنِ الْقُلُوبِ بِالْأَفْئِدَةِ ، لِقُرْبِ الْقَلْبِ مِنَ الْفُؤَادِ وَمُجَاوَرَتِهِ ، قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
رَمَتْنِي بِسَهْمٍ أَصَابَ الْفُؤَادَ غَدَاةَ الرَّحِيلِ فَلَمْ أَنْتَصِرْ
وَقَالَ آخَرُ :
كَأَنَّ فُؤَادِي كُلَّمَا مَرَّ رَاكِبٌ جَنَاحُ غُرَابٍ رَامَ نَهْضًا إِلَى وِكْرِ
وَقَالَ آخَرُ :
وَإِنَّ فُؤَادًا قَادَنِي لِصَبَابَةٍ إِلَيْكِ عَلَى طُولِ الْهَوَى لَصَبُورُ
يَعْنُونَ : بِالْفُؤَادِ : الْقَلْبَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37تَهْوِي إِلَيْهِمْ " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : تَحِنُّ إِلَيْهِمْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ :
[ ص: 368 ] تَنْزِعُ إِلَيْهِمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ : تُرِيدُهُمْ ، كَمَا تَقُولُ : رَأَيْتُ فُلَانًا يَهْوِي نَحْوَكَ ، أَيْ : يُرِيدُكَ . وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ : " تَهْوَى إِلَيْهِمْ " بِمَعْنَى : تَهْوَاهُمْ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=72رَدِفَ لَكُمْ [النَّمْلِ :72] . أَيْ : رَدِفَكُمْ . وَ " إِلَى " تَوْكِيدٌ لِلْكَلَامِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : " تَهْوِي إِلَيْهِمْ " : تَنْحَطُّ إِلَيْهِمْ وَتَنْحَدِرُ .
وَفِي مَعْنَى هَذَا الْمَيْلِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ الْمَيْلُ إِلَى الْحَجِّ ، قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ حُبُّ سُكْنَى
مَكَّةَ ، رَوَاهُ
عَطِيَّةُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَوْ كَانَ
إِبْرَاهِيمُ قَالَ : فَاجْعَلْ أَفْئِدَةَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ، لَحَجَّهَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، وَلَكِنَّهُ قَالَ : مِنَ النَّاسِ .