الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 153 ] الباب الثاني

                                                                                                                في التحمل

                                                                                                                قال صاحب المقدمات : هو فرض كفاية ، فإن لم يكن بالموضع غيرك تعين عليك ، ولقوله تعالى : ( وأقيموا الشهادة لله )

                                                                                                                وفي الباب تسعة فروع :

                                                                                                                الفرع الأول

                                                                                                                في الكتاب : يجوز تحمل الصبي والكافر والفاسق ، ويؤدون بعد زوال هذه الأوصاف ؛ لأن المقصود هو الوثوق بالشاهد عند الأداء .

                                                                                                                الفرع الثاني

                                                                                                                قال ابن يونس : قال ابن القاسم : إذا سبقتاك عمن ينوب فيه فأقر عند الحاكم ، أو تشهد به البينة ففرق بينه وبين امرأته فنفى أن لا شيء عليه ، فطلبت المرأة شهادتك فلم تشهد ، قال محمد : ولو شهدت لم ينفعها لمخالفة إقراره لشهادتك ، وما أقر به عندك من طلاق أو حد فليشهد عليه فيما لا يتمكن من الرجوع عنه ، وكذلك من حضر عندك إذا لم يخف عنده من القصة شيء يفسد تركها الشهادة ؛ لأن المقصود في التحمل حصول سبب يفيد العلم ولا لسماع يفيده .

                                                                                                                [ ص: 154 ] الفرع الثالث

                                                                                                                لو قعد الشاهدان من وراء حجاب يشهدان على رجل ، قال مالك : إن كان ضعيفا أو مختدعا أو خائفا لم يلزمه ، ويحلف : ما أقر إلا بما يذكر ، وإلا لزمه ولعله يقر خاليا وينكر عند البينة فيحتاج لذلك إذا لم يخف شيء من كلامه ، أو لعله يقول في السر : ما الذي لي عندك إذا جئتك بكذا ، فيقول : عندي كذا . وفي التنبيهات : إذا سمعه يقذف شهد عليه ، زاد في كتاب الحدود : إذا كان معه غيره لئلا يحد إذا لم يكمل النصاب ، ولا بد من استيفاء البينة لاحتمال أن يحكي ذلك عن غيره ، وفي الكتاب : يجوز التحمل بما يسمعه وإن لم يؤذن لك بخلاف الشهادة على الشهادة ، ويخبر بذلك من له الشهادة ، والفرق : أن الإقرار على خلاف داعية الطبع ، فالغالب أنه لا يقع إلا محررا ، والشهادة لا يتساهل فيها قبل وقت الأداء فامتنع أو زاد أو نقص عند الأداء والعادة تدل على ذلك وفي التنبيهات : في الجواري يقلن سمعناهما يشهدان غيرهما لم يشهدا لاحتمال أن يعلما من الأولين أنهما لا يؤديان شهادة عنهما ، يشهدان عند الحاكم ، خلاف ، قال : والحق أنهما سواء في جواز الشهادة .

                                                                                                                الفرع الرابع

                                                                                                                في الجواهر : لا يجوز تحمل الشهادة على المرأة المتنقبة ، بل لا بد من كشف وجهها ليعرفها [ . . . . ] عند الأداء بالمعرفة المحققة .

                                                                                                                الفرع الخامس

                                                                                                                في البيان : إذا شهدت على من لا تعرف مع جماعة جاز لأمنك التلبيس بمعرفة من معك ، وإلا فيكره لئلا يتسمى باسم غيره ، ويحصل لك الموت فيشهد على [ ص: 155 ] خطك ، ومن يشهد على من لا يعرفه بالعين والاسم ، فلا يشهد عليه بتلك الشهادة بعد موته ، ولا يؤديها إلا في حياته على عينه ، وكذلك لا يشهد على شهادة إلا على عينه ، وهذا كله متفق عليه وإن علم أنه لا يقف على عين المشهود له إذا غاب عنه ، وهي شهادة لا منفعة فيها ، وإنما تسامح العلماء في وضع الشهادة على من لا يعرف بعينه واسمه سياسة منهم في دفع العامة ؛ لئلا يعتقدوا أن تلك الشهادة لا تنفع ، فيقدموا على الإنكار ففي جهلهم بتلك صلاح عظيم ، قال ابن القاسم : إذا شهد عندك عدلان أن هذه المرأة فلانة ، فلا يشهد عليها لعدم العلم بها ، بل على شهادتهما ، وعن مالك : لا يشهد على شهادتهما ، قال : والحق إن كان المشهود له التي لك فهما يشهدان أنها فلانة ، فلا تشهد إلا على شهادتهما ، وإن كنت أنت سألتهما عنهما جاز لك عليها إذا وقع لك العلم بشهادتهما .

                                                                                                                الفرع السادس

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : يجوز أن تشهد عما في كتاب ، وأن يحفظ ما فيه إذا قرئ عليك ؛ لأن حفظه متعذر إذا كنت من أهل الفطنة بما في الكتاب إذا قرئ عليك وهذا في الاسترعاء ، وأما ما شهد به المتعاملان على أبقيتهما فليس عليك أن تقرأه . ولا تقرأ عليك ، ويكفيك أن تذكر أنهما أشهداك على ما في هذا الكتاب ، ويستحسن للعالم القراءة لئلا يكون فيه فساد فيزيله .

                                                                                                                الفرع السابع :

                                                                                                                قال : قال مالك : إذا أتاك بذكر حق عليه لغائب يشهدك على نفسه للغائب بذلك ، لا يشهد ؛ لأنه قد يزيد بذلك إثبات الخلطة بينه وبين الغائب حتى يدعى عليه ، ولكن يكتب القصة على وجهها فيقول : إنه غائب .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية