الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون

                                                                                                                                                                                                                                      قل أرأيتم أي: أخبروني ما أنزل الله لكم من رزق ما منصوبة المحل بما بعدها، أو بما قبلها، واللام للدلالة على أن المراد بالرزق ما حل لهم، وجعله منزلا لأنه مقدر في السماء، محصل هو أو ما يتوقف عليه وجودا أو بقاء بأسباب سماوية من المطر والكواكب في الإنضاج والتلوين فجعلتم منه أي: جعلتم بعضه حراما أي: حكمتم بأنه حرام وحلالا أي: وجعلتم بعضه حلالا، أي: حكمتم بحله مع كون كله حلالا وذلك قولهم: هذه أنعام وحرث حجر ... الآية، وقولهم: ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ونحو ذلك، وتقديم الحرام لظهور أثر الجعل فيه ودوران التوبيخ عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      قل تكرير لتأكيد الأمر بالاستخبار، أي: أخبروني آلله أذن لكم في ذلك الجعل فأنتم فيه ممتثلون بأمره تعالى أم على الله تفترون "أم" متصلة، والاستفهام للتقرير والتبكيت لتحقق العلم بالشق الأخير قطعا، كأنه قيل: أم لم يأذن لكم بل تفترون عليه سبحانه، فأظهر الاسم الجليل، وقدم على الفعل دلالة على كمال قبح افترائهم، وتأكيدا للتبكيت إثر تأكيد مع مراعاة الفواصل، ويجوز أن يكون الاستفهام للإنكار، و"أم" منقطعة، ومعنى بل فيها الإضراب والانتقال من التوبيخ والزجر بإنكار الإذن إلى ما تفيده همزتها من التوبيخ على الافتراء عليه سبحانه وتقريره، وتقديم الجار والمجرور على هذا يجوز أن يكون للقصر، كأنه قيل: بل أعلى الله تعالى خاصة تفترون؟!

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 157 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية