الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: قل ما كنت بدعا من الرسل قال ابن عباس : معناه لست بأول الرسل. والبدع الأول. والبديع من كل شيء المبتدع ، وأنشد قطرب لعدي بن زيد


                                                                                                                                                                                                                                        فلا أنا بدع من حوادث تعتري رجالا غدت من بعد بؤسي بأسعد

                                                                                                                                                                                                                                        وما أدري ما يفعل بي ولا بكم فيه أربعة تأويلات:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: يعني لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا لا في الآخرة، فلا أدري ما يفعل بي أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي ، أو أقتل كما قتل الأنبياء من قبلي ولا أدري ما يفعل بكم، إنكم مصدقون أو مكذبون، أو معذبون أو مؤخرون، قاله الحسن :

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة. وهذا قبل نزول ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر الآية. فلما نزل عليه ذلك عام الحديبية علم ما يفعل به في الآخرة وقال لأصحابه: (لقد أنزل علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعها فلما تلاها قال رجل من القوم: هنيئا يا رسول الله ، قد بين الله ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله تعالى ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار الآية. قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل الهجرة (لقد رأيت في منامي أرضا أخرج إليها من مكة فلما اشتد البلاء على أصحابه بمكة قالوا: يا رسول الله حتى متى نلقى هذا [ ص: 273 ] البلاء؟ ومتى تخرج إلى الأرض التي رأيت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (ما أدري ما يفعل بي ولا بكم ، أنموت بمكة أم نخرج منها قال الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: معناه قل لا أدري ما أؤمر به ولا ما تؤمرون به ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية