الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الكسائي

                                                                                      الإمام ، شيخ القراءة والعربية أبو الحسن علي بن حمزة ، بن عبد الله ، بن بهمن ، بن فيروز الأسدي ، مولاهم الكوفي ، الملقب بالكسائي لكساء أحرم فيه .

                                                                                      تلا على ابن أبي ليلى عرضا ، وعلى حمزة .

                                                                                      وحدث عن جعفر الصادق ، والأعمش ، وسليمان بن أرقم ، وجماعة .

                                                                                      وتلا أيضا على عيسى بن عمر المقرئ . [ ص: 132 ]

                                                                                      واختار قراءة اشتهرت ، وصارت إحدى السبع .

                                                                                      وجالس في النحو الخليل ، وسافر في بادية الحجاز مدة للعربية ، فقيل : قدم وقد كتب بخمس عشرة قنينة حبر . وأخذ عن يونس .

                                                                                      قال الشافعي : من أراد أن يتبحر في النحو ، فهو عيال على الكسائي .

                                                                                      قال ابن الأنباري : اجتمع فيه أنه كان أعلم الناس بالنحو ، وواحدهم في الغريب ، وأوحد في علم القرآن ، كانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط عليهم ، فكان يجمعهم ويجلس على كرسي ، ويتلو وهم يضبطون عنه حتى الوقوف .

                                                                                      قال إسحاق بن إبراهيم : سمعت الكسائي يقرأ القرآن على الناس مرتين .

                                                                                      وعن خلف ، قال : كنت أحضر بين يدي الكسائي وهو يتلو ، وينقطون على قراءته مصاحفهم .

                                                                                      تلا عليه : أبو عمر الدوري ، وأبو الحارث الليث ، ونصير بن يوسف الرازي ، وقتيبة بن مهران الأصبهاني ، وأحمد بن أبي سريج ، وأحمد بن جبير الأنطاكي ، وأبو حمدون الطيب ، وعيسى بن سليمان الشيزري ، وعدة . [ ص: 133 ]

                                                                                      ومن النقلة عنه : يحيى الفراء ، وأبو عبيد ، وخلف البزار .

                                                                                      وله عدة تصانيف منها : معاني القرآن ، وكتاب في القراءات ، وكتاب ( النوادر الكبير ) ، ومختصر في النحو ، وغير ذلك .

                                                                                      وقيل : كان أيام تلاوته على حمزة يلتف في كساء ، فقالوا : الكسائي .

                                                                                      ابن مسروق : حدثنا سلمة ، عن عاصم ، قال الكسائي : صليت بالرشيد ، فأخطأت في آية ما أخطأ فيها صبي ، قلت : " لعلهم يرجعين " فوالله ما اجترأ الرشيد أن يقول : أخطأت ، لكن قال : أي لغة هذه ؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، قد يعثر الجواد . قال : أما هذا ، فنعم .

                                                                                      وعن سلمة ، عن الفراء : سمعت الكسائي يقول : ربما سبقني لساني باللحن .

                                                                                      وعن خلف بن هشام : أن الكسائي قرأ على المنبر : " أنا أكثر منك مالا " بالنصب ، فسألوه عن العلة ، فثرت في وجوههم ، فمحوه فقال لي : يا خلف ، من يسلم من اللحن ؟ .

                                                                                      وعن الفراء قال : إنما تعلم الكسائي النحو على كبر ولزم [ ص: 134 ] معاذا الهراء مدة ، ثم خرج إلى الخليل .

                                                                                      قلت : كان الكسائي ذا منزلة رفيعة عند الرشيد ، وأدب ولده الأمين ، ونال جاها وأموالا ، وقد ترجمته في أماكن .

                                                                                      سار مع الرشيد ، فمات بالري بقرية أرنبوية سنة تسع وثمانين ومائة عن سبعين سنة ، وفي تاريخ موته أقوال ، فهذا أصحها .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية