الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ومن دفعها إلى الإمام ونواها دون الإمام جاز ; لأنه لا تعتبر نية المستحق فكذا نائبه ، وإن نوى الإمام دون رب المال أجزأ عند القاضي وغيره ; لأن أخذه كالقسم بين الشركاء ، ولأن له ولاية أخذها ، ولا يدفع إليه غالبا إلا الزكاة ، فكفى الظاهر عن النية في الطائع . والإمام ينوب عن الممتنع فيما تدخله النيابة ، وعند أبي الخطاب وابن عقيل : لا تجزئ ; لأن الإمام إما وكيله أو وكيل الفقراء أو وكيلهما ، فتعتبر نية رب المال ، وكالصلاة ، فعلى هذا تقع نفلا من الطائع ويطالب بها ، وتجزئ من المكره ظاهرا لا باطنا ، كالمصلي كرها ، وعند الخرقي والشيخ : لا تجزئ الطائع ، كدفعه إلى الفقير بلا نية ( م 5 ) ولا ولاية عليه ، بخلاف الممتنع [ ص: 553 ] كبيعه ماله في دينه ، وتزويجه موليته ، ولأن الممتنع لو لم تجزئه لم يجز الأخذ منه ، وذكر في منتهى الغاية أن هذا ظاهر كلام أحمد .

                                                                                                          وقال القاضي في موضع : لا يحتاج الإمام إلى نية منه ولا من رب المال .

                                                                                                          [ ص: 552 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 552 ] ( مسألة 5 ) قوله : ومن دفعها إلى الإمام ونواها دون الإمام جاز ، لأنه نائب المستحق ، وإن نوى الإمام دون رب المال أجزأ عند القاضي وغيره وعند أبي الخطاب [ ص: 553 ] وابن عقيل : لا تجزئ ، لأن الإمام إما وكيله أو وكيل الفقراء أو وكيلهما ، فتعتبر نية رب المال ، فعلى هذا تقع نفلا عن الطائع ، ويطالب بها ، وتجزئ للمكره ظاهرا لا باطنا ، كالمصلي كرها ، وعند الخرقي والشيخ لا تجزئ الطائع ، كدفعه إلى الفقير ، بلا نية ، انتهى . إذا أخذ الإمام الزكاة من ربها فلا يخلو ، إما أن يأخذها كرها أو طوعا ، فإن أخذها كرها وأخرجها ناويا للزكاة ولم ينوها ربها أجزأت عن ربها ، على الصحيح ، قال المجد في شرحه : هذا ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي لمن تأمله ، قال ابن منجى في شرحه : هذا المذهب .

                                                                                                          قال في القواعد : هذا أصح الوجهين ، وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والوجيز وغيرهم ، وقدمه في المغني والمقنع والتلخيص والشرح والحاويين والرعايتين وصححه ، وشرح ابن رزين وغيرهم ، واختاره القاضي في المجرد وغيره من الأصحاب .

                                                                                                          وقال أبو الخطاب وابن عقيل : لا تجزئه من غير نية ، واختاره صاحب المستوعب ، والشيخ تقي الدين في فتاويه ، قاله الزركشي ، قال في القواعد الأصولية : وهذا أصوب ، وصححه في تصحيح المحرر ، وأطلقهما المجد في شرحه ومحرره ، وابن تميم والزركشي وصاحب الفائق وغيرهم ، فعلى الصحيح تجزئ ظاهرا لا باطنا ، وإن أخذها منه طوعا ونواها الإمام دون ربها لم يجزئه ، على الصحيح من المذهب ، قال : هو ظاهر كلام الإمام أحمد والخرقي لمن تأمله ، قال المصنف هنا : هو قول الخرقي والشيخ ، واختاره أيضا أبو الخطاب وابن عقيل وابن البنا والشارح والشيخ تقي الدين في فتاويه ، وقدمه ابن تميم [ ص: 554 ] وابن رزين في شرحه وصاحب الفائق وغيرهم ، والقول الثاني : تجزئه ، اختاره ابن حامد والقاضي وغيرهما ، قال في المستوعب : هو ظاهر كلام الخرقي .




                                                                                                          الخدمات العلمية