الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 391 ] الباب الثالث عشر

                                                                                                                في

                                                                                                                الشركة

                                                                                                                أقر كل واحد من فلان بن فلان الفلاني ، وفلان بن فلان عند شهوده إقرارا صحيحا شرعيا أنهما اشتركا على تقوى الله تعالى وإيثار طاعته وخوفه ومراقبته ، والنصيحة من كل منهما لصاحبه ، والعمل بما يرضي الله تعالى في الأخذ والعطاء ، وهو أن كلا منهما أخرج من ماله وصلب حاله من الدراهم النقرة الجيدة الفضة البيضاء المتعامل بها بالديار الفلانية ، كذا درهما ، وخلط ذلك حتى صار جملة واحدة ونقدا واحدا لا يتميز بعضه من بعض ، جملته كذا وكذا درهما ، ووضعا أيديهما على هذا المال ، واتفقا وتراضيا على أنهما يتنازعان به من مدينة كذا ما أحبا وأرادا من أصناف البضائع وأنواع المتاجر ، يجلسان به في حانوت في البلد الفلاني ، أو تقول : ليسافرا به إلى البلد الفلانية في البر أو البحر ، أو هما البحر المالح أو العذب ، ويتوليان بيع ذلك بأنفسهما وبمن يختاران من وكلائهما ونوابهما ، وغير ذلك على ما يريان في ذلك من المصلحة ، ويبيعان ذلك بالنقد دون النسيئة ، وينسبان المبيع لمبتاعه ، ويتعاوضان بالثمن ما أحبا وأرادا مثل ذلك ، ويريدان هذا المال في أيديهما على ذلك كذلك حالا بعد حال ، وفعلا بعد فعل ، ومهما فتح الله في ذلك من ربح وفائدة بعد إخراج رأس المال والمؤن والكلف وحق الله إن وجب ، كان الربح مقسوما بينهما نصفين بالسوية ، تعاقدا ذلك معاقدة صحيحة شرعية شفاها بالإيجاب والقبول ، وأذن كل واحد منهما لصاحبه في البيع والشراء والأخذ والعطاء ، في غيبة صاحبه وحضوره إذنا شرعيا ، قبل كل منهما من الآخر قبولا شرعيا ، وعلى كل منهما أداء الأمانة ، [ ص: 392 ] وتجنب الخيانة ، واتقاء الله تعالى في السر والعلانية ، والنصيحة لصاحبه ، ومعاملة شريكه بالمعروف والإنصاف ، وعلى أن كل واحد منهما عليه من العمل والتنمية ما على صاحبه ، وأن تصرف كل منهما جائز على صاحبه لا يحل له عقدا ولا ينتقص له بيعا ، إلا أن يخرج عن منهج التماس النفع ، ثم تؤرخ وتقول بعد التاريخ والكتاب : عقدان يشهد كل منهما لصاحبه .

                                                                                                                فصــل

                                                                                                                وتكتب في شركة الأبدان : اشترك فلان بن فلان وفلان الحدادان في عمل الحديد بسوق كذا ، من مدينة كذا بعد أن في حانوت واحد ، ويعملان فيه على السواء ، بعد أن يقيما من أموالهما بالسواء ما يحتاجان إليه في الصناعة من آلة وغيرها ، ويكون ما أفاء الله تعالى عليهما فيه من رزق بالسوية ، وعلى كل واحد منهما تقوى الله تعالى وبذل النصيحة وإخلاص النية والاجتهاد ، ثم تكمل العقد وتقول في غير الصنعة : اشترك فلان وفلان السمساران ، أو الحمالان للبن أو لغيره ، أو السمساران للرقيق أو لغيره ، على أن يعمل كل واحد مع صاحبه لا يفترقان ، مع بذل الجهد والنصيحة واجتناب الخيانة ، وتكمل العقد .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية