الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
96 - قوله: (ص): "وفي الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة من حديث هذا الضرب كثير جدا...." إلى آخره.

أورده المصنف هذا محتجا به على قبول رواية المدلس إذا صرح وهو يوهم [ ص: 635 ] أن الذي في الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة من حديث المدلسين مصرح في جميعه وليس كذلك، بل في الصحيحين (وغيرهما) جملة كثيرة من أحاديث المدلسين بالعنعنة وقد جزم المصنف في موضع آخر وتبعه النووي (وغيره بأن ما كان في الصحيحين وغيرهما) من الكتب الصحيحة عن المدلسين فهو محمول على ثبوت سماعه من جهة أخرى وتوقف في ذلك من المتأخرين الإمام صدر الدين ابن المرحل ، وقال في "كتاب الإنصاف": "إن في النفس من هذا الاستثناء غصة، لأنها دعوى لا دليل عليها، لا سيما أنا قد وجدنا كثيرا من الحفاظ يعللون أحاديث وقعت في الصحيحين أو أحدهما بتدليس رواتها".

وكذلك استشكل ذلك قبله العلامة ابن دقيق العيد فقال : "لا بد من الثبات على طريقة واحدة، إما القبول مطلقا في كل كتاب أو الرد مطلقا في كل كتاب.

وأما التفرقة بين ما في الصحيح من ذلك وما خرج عنه، فغاية ما يوجه به أحد أمرين:

إما أن يدعى أن تلك الأحاديث عرف صاحب الصحيح صحة السماع فيها، قال: وهذا إحالة على جهالة، وإثبات أمر بمجرد الاحتمال، وإما أن يدعى أن الإجماع على صحة ما في الكتابين دليل على وقوع السماع في هذه الأحاديث وإلا لكان أهل الإجماع مجمعين على الخطأ وهو ممتنع.

[ ص: 636 ] قال : لكن هذا يحتاج إلى إثبات الإجماع الذي يمتنع أن يقع في نفس الأمر خلاف مقتضاه.

قال: وهذا فيه عسر. قال: ويلزم على هذا أن لا يستدل بما جاء من رواية المدلس خارج الصحيح ولا يقال : هذا على شرط مسلم - مثلا - لأن الإجماع الذي يدعى ليس موجودا في الخارج" انتهى ملخصا.

وفي أسئلة الإمام تقي الدين السبكي للحافظ أبي الحجاج المزي : "وسألته عن ما وقع في الصحيحين من حديث المدلس معنعنا هل نقول: أنهما اطلعا على اتصالها؟

فقال: كذا يقولون، وما فيه إلا تحسين الظن بهما.

وإلا ففيهما أحاديث من رواية المدلسين ما توجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح" .

قلت: وليست الأحاديث التي في الصحيحين بالعنعنة عن المدلسين كلها في الاحتجاج، فيحمل كلامهم هنا على ما كان منها في الاحتجاج فقط.

أما ما كان في المتابعات فيحتمل أن يكون حصل التسامح في تخريجها كغيرها.

وكذلك المدلسون الذين خرج حديثهم في الصحيحين ليسوا في مرتبة واحدة في ذلك، بل هم على مراتب:

الأولى: من لم يصف بذلك إلا نادرا وغالب رواياتهم مصرحة بالسماع، والغالب: أن إطلاق من أطلق ذلك عليهم فيه تجوز من الإرسال إلى التدليس.

[ ص: 637 ] ومنهم من يطلق ذلك بناء على الظن، فيكون التحقيق بخلافه كما بينا ذلك في حق شعبة قريبا وفي حق محمد بن إسماعيل البخاري في الكلام على التعليق - والله أعلم - .

فمن هذا الضرب:

1 - أيوب السختياني .

2 - وجرير بن حازم .

3 - والحسين بن واقد .

4 - وحفص بن غياث .

5 - وسليمان التيمي .

6 - وطاووس .

7 - وأبو قلابة .

8 - وعبد الله بن وهب .

9 - وعبد ربه بن نافع أبو شهاب .

[ ص: 638 ] 10 - والفضل بن دكين أبو نعيم .

11 - وموسى بن عقبة .

12 - وهشام بن عروة .

13 - وأبو مجلز لاحق بن حميد .

14 - ويحيى بن سعيد الأنصاري .

رحمة الله عليهم .

الثانية: من أكثر الأئمة من إخراج حديثه إما لإمامته أو لكونه قليل التدليس في جنب ما روى من الحديث الكثير أو أنه كان لا يدلس إلا عن ثقة.

فمن هذا الضرب:

15 - إبراهيم بن زيد النخعي .

16 - وإسماعيل بن أبي خالد .

17 - وبشير بن مهاجر .

18 - والحسن بن ذكوان .

19 - والحسن البصري .

[ ص: 639 ] 20 - والحكم بن عتبة .

21 - وحماد بن أسامة .

22 - وزكريا بن أبي زائدة .

23 - وسالم بن أبي الجعد .

24 - وسعيد بن أبي عروبة .

25 - وسفيان الثوري .

26 - وسفيان بن عيينة .

27 - وشريك القاضي .

28 - وعبد الله بن عطاء المكي .

29 - وعكرمة بن خالد المخزومي .

30 - ومحمد بن خازم أبو معاوية الضرير .

31 - ومخرمة بن بكير .

[ ص: 640 ] 32 - ويونس بن عبيد .

رحمة الله تعالى عليهم .

الثالثة: من أكثروا من التدليس وعرفوا به وهم:

33 - بقية بن الوليد .

34 - وحبيب بن أبي ثابت .

35 - وحجاج بن أرطأة .

36 - وحميد الطويل .

37 - وسليمان الأعمش .

38 - وسويد بن سعيد .

39 - وأبو سفيان المكي .

40 - وعبد الله بن أبي نجيح .

41 - وعباد بن منصور .

42 - وعبد الرحمن المحاربي .

[ ص: 641 ] 43 - وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد .

44 - وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج .

45 - وعبد الملك بن عمير .

46 - وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف .

47 - وعكرمة بن عمار .

48 - وعمر بن عبيد الطنافسي .

49 - وعمر بن علي المقدمي .

[ ص: 642 ] 50 - وعمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي .

51 - وعيسى بن موسى غنجار .

52 - وقتادة .

53 - ومبارك بن فضالة .

54 - ومحمد بن إسحاق .

55 - ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي .

56 - ومحمد بن عجلان .

57 - ومحمد بن عيسى بن الطباع .

58 - ومحمد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير .

59 - ومحمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري .

[ ص: 643 ] 60 - ومروان بن معاوية الفزاري .

61 - والمغيرة بن مقسم .

62 - ومكحول الشامي .

63 - وهشام بن حسان .

64 - وهشيم بن بشير .

65 - والوليد بن مسلم الدمشقي .

66 - ويحيى بن أبي كثير .

67 - وأبو حرة الرقاشي .

رحمة الله تعالى عليهم أجمعين.

[ ص: 644 ] فهذه أسماء من ذكر بالتدليس من رجال الصحيحين ممن أخرجا أو أحدهما له أصلا أو استشهادا أو تعليقا على مراتبهم في ذلك وهم بضعة وستون نفسا.

(وإذ سردنا) ذلك فلا بأس بسرد أسماء باقي الموصوفين بالتدليس من باقي رواة الحديث لتمام الفائدة ولتمييز أحاديثهم.

فقد سرد المصنف أسامي من ذكر بالاختلاط ليتميز حديثه وقد ذكرتهم على قسمين:

أحدهما: من وصف بذلك مع صدقه.

وثانيهما: من ضعف منهم بأمر آخر غير التدليس - والله الموفق - .

فمن الأول:

68 - جنيد بن العلاء بن أبي وهرة .

[ ص: 645 ] 69 - وحميد بن الربيع الخزاز .

70 - وإسماعيل بن عياش .

71 - وسلمة بن تمام الشقري .

72 - وشباك الضبي .

73 - وشعيب بن أيوب الصيرفيني .

74 - وعبد الله بن مروان الحراني .

75 - وعبد العزيز بن عبد الله البصري .

76 - وعبد الجليل بن عطية القيسي .

77 - وعبيدة بن الأسود .

[ ص: 646 ] 78 - وعثمان بن عمر الحنفي .

79 - وعطية العوفي .

80 - وعلي بن غراب .

81 - ومحمد بن الحسين البخاري .

82 - ومحمد بن صدقة الفدكي .

83 - ومحمد بن عبد الملك الواسطي أبو إسماعيل .

84 - ومحمد بن عيسى بن سميع .

85 - ومحمد بن يزيد بن خنيس العابد .

86 - ومحرز بن عبد الله الجزري أبو رجاء .

[ ص: 647 ] 87 - ومصعب بن سعيد أبو خيثمة .

88 - وميمون بن موسى المرئي .

89 - ويزيد بن أبي زياد .

90 - ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك .

91 - ويزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني .

92 - ومن المتأخرين محمد بن محمد بن سليمان الباغندي .

93 - والحسن بن مسعود أبو علي ابن الوزير الدمشقي .

94 - وعمر بن علي بن أحمد بن الليث أبو مسلم البخاري - رحمة الله تعالى عليهم -.

[ ص: 648 ] ومن القسم الثاني:

95 - إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى .

96 - وإسماعيل بن خليفة أبو إسرائيل الملائي .

97 - وبشير بن زاذان .

98 - وتليد بن سليمان .

99 - وجابر بن يزيد الجعفي .

100 - والحسن \بن عمارة .

101 - والحسين بن عطاء بن يسار .

102 - وخارجة بن مصعب .

103 - وسعيد بن المرزبان أبو سعيد البقال .

104 - وعبد الله بن معاوية بن عاصم الزبيري .

[ ص: 649 ] .

105 - وعبد الله بن زياد بن سمعان .

106 - وعبد الله بن واقد أبو قتادة الحراني .

107 - وعبد الله بن لهيعة المصري .

108 - وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم .

109 - وعلي بن غالب البصري .

110 - ومالك بن سليمان الهروي .

111 - والهيثم بن علي الطائي .

112 - ويحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي - رحمة الله تعالى عليهم -.

[ ص: 650 ] هذه أسماء من وقفت عليه ممن وصف بالتدليس (أي تدليس الإسناد) .

أما تدليس الشيوخ فلا تحصى أسماء أهله مع أنهم ليسوا من غرضنا هنا. وقد أفرد الحافظ صلاح الدين العلائي أسماء المدلسين في كتابه "جامع التحصيل" وسردهم على حروف المعجم مبينا أحوالهم وجملة من اجتمع عنده منهم سبعون نفسا، وقد زدت عليه منهم أربعين نفسا.

فكل من عليه صورة (ز) فهو زائد على من ذكر وقد أفردتهم بالتصنيف في جزء لطيف ، بينت فيه أحوالهم بيانا شافيا، ولله الحمد على ذلك.

وقد أفردهم بالتصنيف من المتقدمين الحسين بن علي الكرابيسي صاحب الشافعي ، أبو عبد الرحمن النسائي ، أبو الحسن الدارقطني - رحمهم الله تعالى - فجمعت ما ذكروه، وزدت عليه ما وقع لي من كلام غيرهم، بعون الله تعالى.

وكل من ذكرنا هنا، فهو بحسب ما رأيت التصريح بوصفه بالتدليس من أئمة هذا الشأن، على التفصيل.

[ ص: 651 ] وإلا فلو أخذنا به من حيث الجملة لتضاعف هذا العدد جدا فقد روينا عن يزيد بن هارون أنه قال : "لم أر أحدا من أهل الكوفة إلا وهو يدلس إلا مسعرا وشريكا ".

قلت: وقد ذكر شريك في المدلسين - أيضا - .

فما سلم منهم على رأي يزيد بن هارون إلا مسعرا ، ولكن هذا بحسب ما رآهم هو.

وقال الحاكم : أكثر أهل الكوفة يدلسون ، والتدليس في أهل الحجاز قليل جدا وفي أهل بغداد نادر - والله أعلم - .

تنبيه:

ويلتحق بقسم تدليس الشيوخ تدليس البلاد ، كما إذا قال المصري "حدثني فلان بالأندلس " وأراد موضعا بالقرافة.

أو قال "بزقاق حلب" وأراد موضعا بالقاهرة .

أو قال البغدادي "حدثني فلان بما وراء النهر " وأراد نهر دجلة . أو قال "بالرقة" وأراد بستانا على شاطئ دجلة .

أو قال الدمشقي حدثني بالكرك وأراد كرك نوح وهو بالقرب من دمشق .

ولذلك أمثلة كثيرة، وحكمه الكراهة لأنه يدخل في باب التشبع وإيهام الرحلة في طلب الحديث إلا إن كان هناك قرينة تدل على عدم إرادة التكثير. فلا كراهة. والله الموفق ..

التالي السابق


الخدمات العلمية