الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة في ربيع الأول قبض على تكتمر بن طاشتمر ، وقيد وأخذ ماله ; [ ص: 486 ] ( وكان أميرا على ) الموصل ، واستعمل بعده عليها الحسن بن علي الخراساني ، ويعرف بكورة .

وفيها قدم ابن الجصاص بابنة خمارويه زوجة المعتضد ، ومعها أحد عمومتها ، وكان المعتضد بالموصل .

وفيها عاد المعتضد إلى بغداد ، وزفت إليه ابنة خمارويه في ربيع الآخر وفيها سار المعتضد إلى الجبل ، فبلغ الكرج ، وأخذ أموالا لابن أبي دلف ، وكتب إلى عمر بن عبد العزيز يطلب منه جوهرا كان عنده ، فوجه به إليه ، تنحى من بين يديه .

وفيها أطلق لؤلؤ غلام ابن طولون ، وحمل على دواب وبغال .

وفيها وجه يوسف بن أبي الساج إلى الصيمرة مددا القلانسي غلام الموفق ، فهرب يوسف فيمن أطاعه إلى أخيه محمد بمراغة ، ولقي مالا للمعتضد فأخذه ، فقال في ذلك عبيد الله بن عبد الله بن طاهر :


إمام الهدى أنصاركم آل طاهر بلا سبب تخفون والدهر يذهب     وقد خلطوا شكرا بصبر ورابطو
وغيرهم يعطي ويحبي ويهرب



[ ص: 487 ] وفيها وجه المعتضد وزيره عبيد الله بن سليمان إلى ابنه بالري وعاد منها .

وفيها وجه محمد بن زيد العلوي من طبرستان إلى محمد بن ورد العطار باثنين وثلاثين ألف دينار ليفرقها على أهل بيته ببغداذ ، والكوفة ، والمدينة ، فسعى به المعتضد ، فأحضر محمد عند بدر ، وسئل عن ذلك ، فأقر أنه يوجه إليه كل سنة مثل ذلك ، ففرقه ، وأنهى بدر إلى المعتضد ذلك ، فقال له المعتضد : أما تذكر الرؤيا التي خبرتك بها ؟ قال : لا ، يا أمير المؤمنين ; قال : رأيت في النوم كأني أريد ناحية النهروان ، وأنا في جيشي ، إذ مررت برجل واقف على تل يصلي ولا يلتفت إلي ، فعجبت ، فلما فرغ من صلاته قال لي : أقبل ، فأقبلت إليه فقال لي : أتعرفني ؟ قلت : لا ! قال : أنا علي بن أبي طالب ، خذ هذه فاضرب بها الأرض ، بمسحاة بين يديه ، فأخذتها ، فضربت بها ضربات ، فقال لي : إنه سيلي من والدك هذا الأمر بعدد الضربات ، فأوصهم بولدي خيرا .

وأمر بدرا بإطلاق المال والرجل ، وأمره أن يكتب إلى صاحبه بطبرستان أن يوجه ما يريد ظاهرا ، وأن يفرق ما يأتيه ظاهرا ، وتقدم بمعونته على ذلك .

( وفيها توفي أبو طلحة منصور بن مسلم في حبس المعتضد ) .

( وفيها ولدت جارية اسمها شغب للمعتضد ولدا سماه جعفرا ، وهو المقتدر ) .

وفيها قتل خمارويه بن أحمد بن طولون ، ذبحه بعض خدمه على فراشه في ذي الحجة بدمشق ، وقتل من خدمه الذين اتهموا نيف وعشرون نفسا .

وكان سبب قتله أنه سعى إليه بعض الناس ، وقال له إن جواري داره قد اتخذت كل واحدة منهن خصيا من خصيان داره لها كالزوج ، وقال : إن شئت أن تعلم صحة ذلك فأحضر بعض الجواري فاضربها وقررها ، حتى تعلم صحة ذلك . فبعث من وقته إلى نائبه بمصر يأمره بإحضار عدة من الجواري ليعلم الحال منهن ، فاجتمع جماعة من [ ص: 488 ] الخدم ، وقرروا بينهم الاتفاق على قتله ، خوفا من ظهور ما قيل له ، وكانوا خاصته ، فذبحوه ليلا وهربوا .

فلما قتل اجتمع القواد ، وأجلسوا ابنه جيش بن خمارويه في الإمارة ، وكان معه بدمشق ، وهو أكبر ولده ، فبايعوه ففرقت فيهم الأموال وكان صبيا غرا .

[ الوفيات ]

وفيها توفي عثمان بن سعيد بن خالد أبو سعيد الدارمي الفقيه الشافعي أخذ الفقه عن البويطي صاحب الشافعي ، والأدب عن ابن الأعرابي .

وفيها توفي أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري اللغوي صاحب كتاب النبات وغيره .

وفيها توفي الحارث بن أبي أسامة ، وله " مسند " يروى غالبا في زماننا هذا .

( وأبو العيناء محمد بن القاسم ، وكان يروي عن الأصمعي ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية