الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        87 [ ص: 15 ] 75 - مالك : عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ؛ أن عمر بن الخطاب قال : إني لأجده ينحدر مني مثل الخريزة . فإذا وجد ذلك أحدكم فليغسل ذكره ، وليتوضأ وضوءه للصلاة . يعني المذي .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        2464 - واختلف عن ابن عباس في ذلك فروى عنه عكرمة وغيره : اغسل ذكرك وما أصابك ، ثم توضأ وضوءك للصلاة .

                                                                                                                        2465 - وقال عكرمة : هي ثلاثة : المني ، والودي ، والمذي .

                                                                                                                        2466 - فأما الودي : فإنه الذي يكون مع البول وبعده ، ففيه غسل الفرج والوضوء للصلاة .

                                                                                                                        2467 - وأما المذي : فهو إذا لاعب الرجل امرأته ؛ ففيه غسل الفرج والوضوء للصلاة .

                                                                                                                        2468 - وأما المني : فهو الماء الذي تكون فيه الشهوة الكبرى ، ومنه يكون الولد ، ففيه الغسل .

                                                                                                                        2469 - قال أبو عمر : يحتمل قوله " ففيه غسل الفرج " أن يكون الذكر كله ، ويحتمل أن تكون الحشفة .

                                                                                                                        [ ص: 16 ] 2470 - وقد روى عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في المذي والودي والمني : حق الغسل ، ومن المذي والودي : الوضوء : يغسل حشفته ويتوضأ .

                                                                                                                        2471 - وعن الثوري ، عن زياد بن الفياض ، قال : سمعت سعيد بن جبير يقول في المذي ، يغسل حشفته .

                                                                                                                        2472 - وعن هشيم ، عن أبي حمزة ، عن ابن عباس في المذي ، قال : اغسل ذكرك وما أصابك : وتوضأ وضوءك للصلاة .

                                                                                                                        2473 - قال أبو عمر : أما لفظ المذي عند أهل اللغة ففي " الغريب " المصنف عن الأموي قال : مذيت وأمذيت ، وهو المذي والمني والودي ، مشددات .

                                                                                                                        2474 - قال أبو عبيدة وغيره : يخفف المذي والودي .

                                                                                                                        [ ص: 17 ] 2475 - قال : والصواب عندنا أن المني وحده بالتشديد ، والآخران بالتخفيف .

                                                                                                                        2476 - وفي " الجمهرة " قال : والمذي : الماء الذي يخرج عند [ ص: 18 ] الإنعاظ ، وليس كالذي يوجب الغسل .

                                                                                                                        2477 - قال ابن دريد : ربما قيل المذي مشددا ، ولم يذكر الودي .

                                                                                                                        2478 - وفي بعض نسخ " العين " ودي مشدد . وفي بعضهما مخفف .

                                                                                                                        2479 - وقال مالك : المذي عندنا أشد من الودي ؛ لأن الفرج يغسل عندنا من المذي ، والودي عندنا بمنزلة البول .

                                                                                                                        [ ص: 19 ] 2480 - وقال مالك : وليس على الرجل أن يغسل أنثييه من المذي إلا أن يظن أنهما أصابهما منه شيء .

                                                                                                                        2481 - قال مالك : والودي يكون من الجمام يأتي بإثر البول أبيض خاثرا .

                                                                                                                        2482 - قال : والمذي تكون معه شهوة ، وهو رقيق إلى الصفرة ، يكون عند ملاعبة الرجل أهله وعند حدوث الشهوة .

                                                                                                                        2483 - قال أبو عمر : قد جعل مالك المذي أشد من البول ، وقال : لأن الفرج يغسل منه .

                                                                                                                        2484 - ومعلوم أن البول يغسل منه المخرج والحشفة ، فإذا كان المذي أشد منه فلا وجه لذلك إلا أن يغسل منه الذكر كله .

                                                                                                                        2485 - ووجه يحتمله أيضا قد اختلف الفقهاء فيه ، وهو أنه لا مدخل للأحجار في المذي ، وأنه لا يستنجى منه بالأحجار كما يصنع بالبول والغائط ، ولا بد له من الغسل بالماء .

                                                                                                                        2486 - وهو عندي معنى قول مالك : لأن الفرج يغسل من المذي .

                                                                                                                        2487 - والأصل في النجاسات عنده أنه لا يطهرها إلا الماء وحده ، إلا ما خص به البول والغائط من الأحجار ، وذلك لتواترهما ولأنهما ينوبان الإنسان كثيرا ، فخفف في أمرهما والله أعلم .

                                                                                                                        2488 - واختلف أصحابنا فيما يغسل من أجل المذي من الذكر :

                                                                                                                        2489 - فقال بعضهم : يغسل مخرجه كالبول .

                                                                                                                        [ ص: 20 ] 2490 - وقال بعضهم : يغسل الذكر كله عبادة إلا المخرج ، فإنه للنجاسة .

                                                                                                                        2491 - وقد اختلف في ذلك السلف قديما كما ذكرت لك .

                                                                                                                        2492 - وقال الشافعي : لا يجوز الاستنجاء من الدم الخارج من الدبر ولا من المذي ، كما لا يجوز للمستحاضة أن تستنجي بغير الماء .

                                                                                                                        2493 - وأبو حنيفة على أصله في جواز إزالة النجاسات بكل ما أزالها .

                                                                                                                        2494 - ومن الحجة في غسل جميع الذكر من المذي ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - : " يغسل ذكره ويتوضأ " وحمله على عموم الفائدة أولى .

                                                                                                                        2495 - حدثنا سعيد بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع وأبو معاوية وهشيم ، عن الأعمش ، عن منذر بن يعلى الثوري ، عن أبي يعلى ، عن محمد بن الحنفية ، عن علي ، قال : كنت رجلا مذاء فكنت أستحي أن أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته ، فأمرت المقداد فسأله ، فقال " يغسل ذكره ويتوضأ " .

                                                                                                                        2496 - وليس في شيء من أحاديث المذي ذكر للاستنجاء على كثرتها واختلاف طرقها .




                                                                                                                        الخدمات العلمية