الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ظفر المعتضد بوصيف ومن معه

في هذه السنة هرب وصيف خادم محمد بن أبي الساج من برذعة إلى ملطية من أعمال مولاه ، وكتب إلى المعتضد يسأله أن يوليه الثغور ، فأخذ رسله وقررهم عن سبب مفارقة وصيف مولاه ، فذكروا له أنه فارقه على مواطأة منهما أنه متى ولي وصيف الثغور سار إليه مولاه ، وقصدا ديار مضر وتغلبا عليها .

فسار المعتضد نحوه ، فنزل العين السوداء ، وأراد الرحيل في طريق المصيصة ، [ ص: 509 ] فأتته العيون فأخبروه أن وصيفا يريد عين زربة ، فسأل أهل المعرفة بذلك الطريق ، وسألهم عن أقرب الطرق إلى لقاء وصيف ، فأخذوه وساروا به نحوه ، وقدم جمعا من عسكره بين يديه ، فلقوا وصيفا فقاتلوه ، وأخذوه أسيرا ، فأحضروه عند المعتضد فحبسه ، وأمر فنودي في أصحاب وصيف بالأمان ، وأمر العسكر برد ما نهبوه منهم ، ففعلوا ذلك .

وكانت الوقعة لثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة ; فلما فرغ منه رحل إلى المصيصة ، وأحضر رؤساء طرسوس فقبض عليهم لأنهم كاتبوا وصيفا ، وأمر بإحراق مراكب طرسوس التي كانوا يغزون فيها ، وجميع آلاتها ، وكان من جملتها نحو من خمسين مركبا قديمة ، قد أنفق عليها من الأموال ما لا يحصى ، ولا يمكن عمل مثلها ، فأضر ذلك بالمسلمين ، وفت في أعضادهم ، و [ قوي ] أمر الروم أن يغزو في البحر ، وكان إحراقها بإشارة دميانة غلام يازمان لشيء كان في نفسه على أهل طرسوس ، واستعمل على أهل الثغور الحسن بن علي كورة .

وسار المعتضد إلى أنطاكية وحلب وغيرهما ، وعاد إلى بغداذ .

( وفيها توفيت ابنة خمارويه زوج المعتضد ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية