الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين

                                                                                                                                                                                                آذن : منقول من أذن إذا علم ؛ ولكنه كثر استعماله في الجري مجرى الإنذار ؛ ومنه قوله تعالى : فأذنوا بحرب من الله ورسوله [البقرة : 279 ] ، وقول ابن حلزة [من الخفيف ] :


                                                                                                                                                                                                آذنتنا ببينها أسماء



                                                                                                                                                                                                والمعنى : أني بعد توليكم وإعراضكم عن قبول ما عرض عليكم من وجوب [ ص: 171 ] توحيد الله وتنزيهه عن الأنداد والشركاء ، كرجل بينه وبين أعدائه هدنة فأحس منهم بغدرة ، فنبذ إليهم العهد ، وشهر النبذ وأشاعه وآذنهم جميعا بذلك ، على سواء أي : مستوين في الإعلام به ، لم يطوه عن أحد منهم وكاشف كلهم ، وقشر العصا عن لحائها ، و ما توعدون ـه من غلبة المسلمين عليكم كائن لا محالة ، ولا بد من أن يلحقكم بذلك الذلة والصغار ، وإن كنت لا أدري متى يكون ذلك ؛ لأن الله لم يعلمني علمه ولم يطلعني عليه ، والله عالم لا يخفى عليه ما تجاهرون به من كلام الطعانين في الإسلام ، و"تكتمون" في صدوركم من الإحن والأحقاد للمسلمين ، وهو يجازيكم عليه ، وما أدري لعل تأخير هذا الموعد امتحان لكم لينظر كيف تعلمون ، أو تمتيع لكم "إلى حين " : ليكون ذلك حجة عليكم ؛ وليقع الموعد في وقت هو فيه حكمة .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية