الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر قتل زكرويه لعنه الله

لما فعل زكرويه بالحجاج ما ذكرناه عظم ذلك على الخليفة خاصة ، وعلى جميع المسلمين عامة ، فجهز المكتفي الجيوش ، فلما كان أول ربيع الأول سير وصيف بن صوارتكين مع جماعة من القواد والعساكر إلى القرامطة ، فسار على طريق حفان ، فلقيهم زكرويه ، ومن معه من القرامطة ، ثامن ربيع الأول ، فاقتتلوا يومهم ، ( ثم حجز بينهم الليل ، وباتوا يتحارسون ، ثم بكروا للقتال ، فاقتتلوا قتالا شديدا ) ، فقتل من القرامطة مقتلة عظيمة .

ووصل عسكر الخليفة إلى عدو الله زكرويه ، فضربه بعض الجند وهو مول بالسيف على رأسه ، فبلغت الضربة دماغه ، وأخذه أسيرا ، وأخذ خليفته وجماعة من خواصه وأقربائه ، وفيهم ابنه ، وكاتبه ، وزوجته ، واحتوى الجند على ما في العسكر .

وعاش زكرويه خمسة أيام ومات ، فسيرت جيفته والأسرى إلى بغداذ ، وانهزم جماعة من أصحابه إلى الشام ، فأوقع بهم الحسين بن حمدان ، فقتلوهم جميعا ، وأخذوا جماعة من النساء والصبيان ، وحمل رأس زكرويه إلى خراسان ، لئلا ينقطع الحجاج ، وأخذ الأعراب رجلين من أصحاب زكرويه يعرف أحدهما بالحداد ، والآخر بالمنتقم ، وهو أخو امرأة زكرويه ، كانا قد سارا إليهم يدعوانهم إلى الخروج معهم ، فلما

[ ص: 558 ] أخذوهما سيروهما إلى بغداذ ، وتتبع الخليفة القرامطة بالعراق ، فقتل بعضهم ، وحبس بعضهم ، ومات بعضهم في الحبس .

التالي السابق


الخدمات العلمية