الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3647 343 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد قال: أخبرني جدي، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يحمل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إداوة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها فقال: من هذا؟ فقال: أنا أبو هريرة، فقال: ابغني أحجارا أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثة، فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعتها إلى جنبه ثم انصرفت حتى إذا فرغ مشيت معه فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نصيبين ونعم الجن فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله " هما من طعام الجن " إلى آخره، وموسى بن إسماعيل المنقري الذي يقال له التبوذكي، وقد مر غير مرة، وعمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، والحديث مضى في كتاب الطهارة في باب الاستنجاء بالحجارة، فإنه أخرجه هناك عن أحمد بن محمد المكي، عن عمرو بن يحيى إلخ، ومضى الكلام فيه هناك.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ابغني " أي اطلب لي أحجارا، وهو من الثلاثي من باب رمى يرمي، يقال: بغيتك الشيء أي: طلبته لك، وأبغيته أي: أعنتك على طلبه. قوله: " أستنفض بها " أي: أستنجي بها، وهو من نفض الثوب لأن المستنجي ينفض عن نفسه الأذى بالحجر أي: يزيله ويدفعه. قوله: " وفد جن نصيبين " الوفد القوم يقدمون، ونصيبين بلدة مشهورة بالجزيرة أعني جزيرة ابن عمر في الشرق، ووقع في كلام ابن التين أنها في الشام وهو وهم وغلط. قوله: " طعاما " أي: حقيقة، وذلك بعد أن يفضل من الإنس، وطعاما هكذا رواية السرخسي، وفي رواية غيره: طعما، قيل: بالشم يكتفون (قلت): للناس في أكل الجن وشربهم ثلاثة أقوال: (أحدها): أن جميع الجن لا يأكلون ولا يشربون، وهذا قول ساقط، (الثاني): أن صنفا منهم يأكلون ويشربون وصنفا منهم يأكلون ولا يشربون، وعن وهب: خالص الجن ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون، ومنهم أجناس يأكلون ويشربون ويتوالدون ويتناكحون منهم السعالي والغيلان والقطرب وغيرها، (الثالث): أن جميع الجن يأكلون ويشربون لظاهر الأحاديث الصحيحة وعمومها، واختلف أصحاب هذا القول في أكلهم وشربهم فقال بعضهم: أكلهم وشربهم تشمم واسترواح لا مضغ ولا بلع، وهذا قول لا يرد عليه دليل، وقال بعضهم: أكلهم وشربهم مضغ وبلع، وهذا القول هو الذي تشهد به الأحاديث الصحيحة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية