الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              [ ص: 177 ] سورة الإسراء فيها عشرون آية

                                                                                                                                                                                                              الآية الأولى قوله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير } .

                                                                                                                                                                                                              فيها ست مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : في { سبحان } : وفيه أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : أنه منصوب على المصدر ; قاله سيبويه والخليل .

                                                                                                                                                                                                              ومنعه عندهما من الصرف كونه معرفة في آخره زائدان .

                                                                                                                                                                                                              وذكر سيبويه أن من العرب من يصرفه ويصرفه .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : قال أبو عبيدة : هو منصوب على النداء .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أنه موضوع موضع المصدر منصوب لوقوعه موقعه .

                                                                                                                                                                                                              الرابع : أنها كلمة رضيها الله لنفسه ; قاله علي بن أبي طالب ، و معناها عندهم براءة الله من السوء ، وتنزيه الله منه قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                                              أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر

                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : أما القول بأنه مصدر فلأنه جار على بناء المصادر ، فكثيرا ما يأتي على فعلان .

                                                                                                                                                                                                              وأما القول بأنه اسم وضع للمصدر فلأنهم رأوه لا يجري على الفعل الذي هو سبح .

                                                                                                                                                                                                              و أما [ ص: 178 ] قول أبي عبيدة بأنه منادى فإنه ينادى فيه بالمعرفة من مكان بعيد ، وهو كلام جمع فيه بين دعوى فارغة لا برهان عليها ، ثم لا يعصمه ذلك من أن يقال له : هل هو اسم أو مصدر ؟ وما زال أبو عبيدة يجري في المنقول طلقه حتى إذا جاء المعقول عقله العي وأغلقه .

                                                                                                                                                                                                              وقد جمع في هذه الكلمة أبو عبد الله بن عرفة جزءا قرأناه بمدينة السلام ، ولم يحصل له فيه عن التقصير سلام ، والقدر الذي أشار إليه سيبويه فيه يكفي ، فليأخذ كل واحد منكم ويكتفي .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية