الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور

                                                                                                                                                                                                تسمية الابتداء بالجزاء ؛ لملابسته له من حيث إنه سبب وذاك مسبب عنه كما يحملون النظير على النظير والنقيض على النقيض للملابسة .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : كيف طابق ذكر العفو الغفور هذا الموضع ؟ قلت : المعاقب مبعوث من جهة الله -عز وجل- على الإخلال بالعقاب ، والعفو عن الجاني -على طريق [ ص: 208 ] التنزيه لا التحريم- ومندوب إليه ، ومستوجب عند الله المدح إن آثر ما ندب إليه وسلك سبيل التنزيه ، فحين لم يؤثر ذلك وانتصر وعاقب ، ولم ينظر في قوله تعالى : فمن عفا وأصلح فأجره على الله [الشورى : 40 ] ، وأن تعفوا أقرب للتقوى [البقرة : 237 ] ، ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور : فإن الله لعفو غفور ، أي : لا يلومه على ترك ما بعثه عليه ، وهو ضامن لنصره في كرته الثانية من إخلاله بالعفو وانتقامه من الباغي عليه ، ويجوز أن يضمن له النصر على الباغي ، ويعرض مع ذلك بما كان أولى به من العفو ، ويلوح به بذكر هاتين الصفتين ، أو دل بذكر العفو والمغفرة على أنه قادر على العقوبة ؛ لأنه لا يوصف بالعفو إلا القادر على ضده .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية