الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : ولا يجزي في الهدايا العوراء أو المقطوعة الذنب أو الأذن اشتراها كذلك أو جدت عنده بعد الشراء لحديث جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { استشرفوا العين والأذن } { ونهى رسول صلى الله عليه وسلم أن يضحى بالعوراء البين عورها والعجفاء التي لا تبقى والعرجاء التي لا تمشي إلى منسكها } والحادث من هذه العيوب بعد شراء بمنزلة الموجود وقت الشراء في المنع من الجواز ، وهكذا إن أضجعها ليذبحها فأصابها شيء من ذلك في القياس ، ولكن في الاستحسان هذا [ ص: 142 ] لا يمنع الجواز ; لأنها تضطرب عند الذبح فيصيبها شيء من ذلك ولا يمكن التحرز في هذه الحالة فجعل عفوا لهذا ، ولأنه أضجعها ليتلفها فتلف جزء منها في هذه الحالة لا يؤثر في المنع من الجواز بخلاف ما قبله .

( قال : ) : وإن كان الذاهب من العين أو الأذن أو الذنب بعضه ، فإن كان ما ذهب منه كثيرا يمنع الجواز أيضا لما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضحى بالشرقاء والخرقاء والمقابلة والمدابرة } فالشرقاء مشقوقة الأذن عرضا والخرقاء طولا والمقابلة التي ذهب قدام أذنها والمدابرة أن يكون الذاهب خلف أذنها إلا أن القليل لا يمكن التحرز عنه عادة فجعل عفوا ، والحد الفاصل بين القليل والكثير عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في ظاهر الرواية أن يكون الذاهب أكثر من الثلث فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {الثلث كثير } ، ولكن جعله من الكثير الذي يجزي في الوصية بخلاف ما وراءه فعرفنا أن ما زاد على الثلث حكمه مخالف للثلث وما دونه ، وذكر ابن شجاع عن أبي حنيفة - رحمهم الله تعالى - أن الذاهب إذا كان بقدر الربع يمنع على قياس ما تقدم من المسائل أن الربع ينزل منزلة الكمال كما في المسح والحلق ، وعلى قولهما إذا كان الذاهب أكثر من الباقي لم يجز ، وإن كان الباقي أكثر من الذاهب أجزأه ; لأن القلة والكثرة من الأسماء المشتركة فإنما يظهر عند المقابلة ، وإن كان الذاهب والباقي سواء لم يجز في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ; لأن المانع من الجواز إذا استوى بالمجوز يترجح المانع ، وقال : أبو يوسف : أخبرت بقولي أبا حنيفة رحمه الله تعالى ، فقال : قولي قولك أو مثل قولك ، قيل : هذا رجوع من أبي حنيفة رحمه الله تعالى إلى قوله ، وقيل : هو إشارة إلى التفاوت بين القولين

التالي السابق


الخدمات العلمية