الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي تكفير مكره رجلا ليجامع : قولان لا إن أفطر [ ص: 143 ] ناسيا ، أو لم يغتسل إلا بعد الفجر ، أو تسحر قربه . أو قدم ليلا ، أو سافر دون القصر أو رأى شوالا نهارا فظنوا الإباحة ;

التالي السابق


( وفي تكفير مكره ) بضم الميم وكسر الراء ( رجلا ليجامع ) الرجل المكره بالفتح حليلته أو غيرها وعدم تكفيره عنه وهو الراجح ، فقد نقل ابن الحاجب في وجوب تكفير المكره بالكسر قولين ، واستقرب ابن عبد السلام والمصنف السقوط ; لأنه متسبب والمكره بالفتح مباشر ، لكن قال ابن عرفة نقل ابن الحاجب وجوبها على مكره رجلا على وطء لا أعرفه إلا من قول اللخمي ومن قول ابن حبيب ( قولان ) والرجل المكره بالفتح على الوطء . قال عياض : عليه الكفارة في قول عبد الملك وأكثر أقوال أصحابنا أنه لا كفارة عليه .

وقال الباجي ذهب أكثر أصحابنا إلى أنه لا كفارة عليه وهو الصحيح ، وقول عبد الملك ضعيف . وقال ابن عرفة لا كفارة على مكره على أكل أو شرب أو امرأة على وطء وفي الرجل المكره عليه قولان لها ولابن الماجشون عياض ورواه ابن نافع ( لا ) يكفر مفطر في أداء رمضان ( إن ) تأول تأويلا قريبا بأن استند فيه لأمر موجود كمن ( أفطر ) [ ص: 143 ] في رمضان بأكل أو شرب أو جماع أو غيرها حال كونه ( ناسيا ) فظن لفساد صومه ووجوب قضائه إباحة الفطر بعد تذكره وتعاطاه فلا كفارة عليه ( أو ) أصابته جنابة أو حيض أو نفاس ليلا ورأت علامة الطهر ليلا ( ولم يغتسل إلا بعد الفجر ) فظن فساد صومه ووجوب قضائه وأنه لا يجب عليه الإمساك وتباح له المفطرات فأفطر فلا كفارة عليه

( أو تسحر ) آخر الليل ( قربه ) أي : الفجر وظن فساد صومه وإباحة فطره فأفطر فلا كفارة عليه ، والذي في سماع أبي زيد ابن القاسم تسحر في الفجر قاله تت ، أي : فظن الإباحة ممن تسحر قربه من التأويل البعيد فلا يسقط الكفارة وهو المعتمد كما في الحط إذ لم يستند لموجود يعذر به شرعا ، وإن كان موجودا حقيقة ا هـ عبق . البناني فيه نظر إذ لم يقل الحط إلا أن العذر هنا أضعف منه في اللتين قبله ( أو قدم ) بفتح فكسر مخففا من سفر قصر ( ليلا ) فظن عدم لزومه الصوم في اليوم الذي يليه وأنه يباح له الفطر فأفطر فيه فلا كفارة عليه .

( أو سافر دون ) مسافة ( القصر ) فظن إباحة الفطر فبيت الفطر فلا كفارة عليه ، فإن بيت الصوم في الحضر وسافر نهارا دون القصر وظن إباحة الفطر فأفطر ففيه الخلاف الآتي فيمن بيت الصوم في الحضر وسافر سفر قصر بعد الفجر بلزوم الكفارة وعدمه بالأحرى أفاده الحط ( أو رأى شوالا ) أي : هلاله ( نهارا ) آخر يوم رمضان فظن أنه لليلة الماضية وأن اليوم عيد فأفطر فلا كفارة عليه فقوله ( فظنوا الإباحة ) أي للفطر فأفطروا راجع للأمثلة الستة ومفهوم الإباحة أنهم إن علموا الحرمة أو شكوا فعليهم الكفارة وهو كذلك لانتهاكهم .

وزيد على الست ثلاث مسائل : إحداها من أكل يوم الشك بعد ثبوت أنه من رمضان [ ص: 144 ] ظانا الإباحة وقدم المصنف هذه وستأتي الثانية ، والثالثة عند قوله وفطر بسفر قصر ومن أفطر مكرها ولزمه الإمساك بعد زوال الإكراه وظن أنه لا يلزم وأنه يباح له الفطر فأفطر فالظاهر أن الكفارة تلزمه وإن لم يكن منتهكا قاله عبق . البناني فيه نظر بل الظاهر أنه كمن أفطر ناسيا فظن الإباحة ; لأنه استند لموجود وزيد أيضا من أفطر متأولا عدم تكذيب العدلين بعد ثلاثين صحوا لقول الشافعي رضي الله عنه به ومن أفطر ظانا الإباحة لحجامة فعلت به أو فعلها هو بغيره فلا كفارة عليه على الراجح لاستناده لموجود وهو قوله صلى الله عليه وسلم { أفطر الحاجم والمحتجم } ، وبالجملة فالعبرة في قرب التأويل بضابطه وهو الاستناد لموجود والأمثلة لا تخصصه . .




الخدمات العلمية