الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 286 - 287 ] كتاب الحيض .

223 - ( 1 ) - حديث : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : { تمكث إحداكن شطر دهرها لا تصلي }لا أصل له بهذا اللفظ . قال الحافظ أبو عبد الله بن منده فيما حكاه ابن دقيق العيد في الإلمام عنه : ذكر بعضهم هذا الحديث ولا يثبت بوجه من الوجوه . وقال البيهقي في المعرفة : هذا الحديث يذكره بعض فقهائنا وقد طلبته كثيرا فلم أجده في شيء من كتب الحديث ، ولم أجد له إسنادا . وقال ابن الجوزي في التحقيق : هذا لفظ يذكره أصحابنا ولا أعرفه . وقال الشيخ أبو إسحاق في المهذب : لم أجده بهذا اللفظ إلا في كتب الفقهاء . وقال النووي في شرحه : باطل لا يعرف . وقال في الخلاصة : باطل لا أصل له . وقال المنذري : لم يوجد له إسناد بحال . وأغرب الفخر بن تيمية في شرح الهداية لأبي الخطاب ، فنقل عن القاضي أبي يعلى أنه قال : ذكر هذا الحديث عبد الرحمن بن أبي حاتم البستي في كتاب السنن له . كذا قال ، وابن أبي حاتم ليس هو بستيا إنما هو رازي ، وليس له كتاب يقال له : السنن .

( تنبيه ) : في قريب من المعنى ما اتفقا عليه من حديث أبي سعيد قال : { أليس إذا حاضت لم تصل ، ولم تصم ؟ فذلك من نقصان دينها }ورواه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ : { تمكث الليالي ما تصلي ، وتفطر في شهر رمضان ، فهذا نقصان دينها }ومن حديث أبي هريرة كذلك ، وفي المستدرك من حديث ابن مسعود نحوه ، ولفظه : { فإن إحداهن تقعد ما شاء الله من يوم وليلة لا تسجد لله [ ص: 288 ] سجدة }قلت : وهذا وإن كان قريبا من معنى الأول ، لكنه لا يعطي المراد من الأول ، وهو ظاهر من التفريع ، والله أعلم . وإنما أورد الفقهاء هذا محتجين به على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما ، ولا دلالة في شيء من الأحاديث التي ذكرناها على ذلك ، والله أعلم .

224 - ( 2 ) - حديث : { تحيضي في علم الله ستا أو سبعا كما تحيض النساء ويطهرن }هذا طرف من حديث قد أعاد الرافعي منه قطعة في مواضع أخر من هذا الباب ، وهو حديث طويل أخرجه الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني والحاكم من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، عن عمه عمران بن طلحة ، عن أمه { حمنة بنت جحش ، قالت : كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه }الحديث بطوله ، وفيه : تلجمي " قالت : هو أكثر من ذلك ، قال الترمذي : حسن . قال : وهكذا قال : أحمد ، والبخاري . وقال البيهقي : تفرد به ابن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به . وقال ابن منده : لا يصح بوجه من الوجوه لأنهم أجمعوا على ترك حديث ابن عقيل . كذا قال ، وتعقبه [ ص: 289 ] ابن دقيق العيد واستنكر منه هذا الإطلاق ، لكن ظهر لي أن مراد ابن منده بذلك من خرج الصحيح وهو كذلك . وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه ؟ فوهنه ولم يقو إسناده .

قوله : وفي رواية { تلجمي واستثفري }ينظر فيمن زاد " واستثفري " ، فقد ذكرنا رواية : تلجمي " ، ثم وجدت في المستدرك من طريق ابن أبي مليكة ، عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش ، قال : ولتنظف " ، " ولتحتشي " ، والبيهقي من حديث أبي أمامة في حديث : { ولتحتشي كرسفا }.

( تنبيه ) قال ابن عبد البر : قيل : إن بنات جحش الثلاثة استحضن ، زينب ، وحمنة ، وأم حبيبة ، ومن الغرائب ما حكاه السهيلي ، عن شيخه محمد بن نجاح : أن أم حبيبة كان اسمها أيضا زينب ، وأن زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم غلب عليها الاسم ، وأن أم حبيبة غلبت عليها الكنية ، وأراد بذلك تصويب ما وقع في الموطأ : أن زينب بنت جحش كانت عند عبد الرحمن بن عوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية