الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1605 مسألة : ومن باع شقصا أو سلعة معه صفقة واحدة فجاء الشفيع يطلب فليس له إلا أن يأخذ الكل أو يترك الكل وهذا قول عثمان البتي وسوار بن عبد الله ، وعبيد الله بن الحسن القاضيين .

                                                                                                                                                                                          وروي أيضا عن أبي حنيفة من طريق خاملة .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة في المشهور عنه ، وسفيان ، ومالك ، وابن شبرمة ، والشافعي : يأخذ الشقص بحصته من الثمن ، واحتجوا بأنه لا يدخل في الشفعة ما لا شفعة فيه ، ولا يقطع بالشفعة فيما فيه شفعة بالنص .

                                                                                                                                                                                          قال علي : ليس للشفيع بعد البيع إلا ما كان له إذا أذنه البائع قبل البيع ، والنص والإجماع المتيقن قد بينا بأنه لا يخرج عن ملك البائع إلا ما رضي بإخراجه عن ملكه ، قال تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } والبائع لم يرض ببيع الشقص وحده دون تلك السلعة فلا يجوز إجباره على بيع ما لا يرضى بيعه بغير نص .

                                                                                                                                                                                          ولو عرض عليه قبل البيع لم يكن للشريك إلا أخذ الكل أو الترك بإجماعهم معنا ، وكذلك لو حضر عند البيع ، ولم يجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد البيع من غيره إلا ما كان حقه لو أخذه إذا عرض عليه قبل البيع فقط وليس له في العرض قبل البيع تبعيض ما لا يريد البائع تبعيضه ، فإنما له الآن ما كان له حينئذ ولا مزيد وبالله تعالى التوفيق ؟ وأيضا فلا يجوز أن يلزم المشتري بعض صفقة لم يرض قط تبعيضها ، ولا أن [ ص: 26 ] يفسخ عن البائع بيعا وقع صحيحا إلا بنص وارد ، ولا نص في شيء من ذلك ، فهو كله باطل .

                                                                                                                                                                                          فإن رضي المشتري بتسليم الشقص وحده فقد قيل ليس للشفيع غيره ، لأنه كرضا البائع بذلك حين الإيذان .

                                                                                                                                                                                          والأولى عندنا : أن الشريك أحق بجميع الصفقة إن أراد ذلك ; لأنها صفقة واحدة ، وعقد واحد ، إما تصح فتصح كلها ، وإما تفسد فتفسد كلها ، ولا يمكن تبعيض عقد واحد بتصحيح بعضه وإفساد بعضه إلا بنص وارد في ذلك .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية