الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3943 203 - حدثني عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره ، وكان عمر بن الخطاب يسير معه ليلا ، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه ، وقال عمر بن الخطاب : ثكلتك أمك يا عمر نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك ؟ قال عمر : فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين ، وخشيت أن ينزل في قرآن ، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي ، قال : فقلت : لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن ، وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه ، فقال : لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، ثم قرأ : إنا فتحنا لك فتحا مبينا

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة إنما تتأتى على قول من يقول : المراد بالفتح صلح الحديبية ، وقد اختلفوا فيه اختلافا كثيرا ; فقيل : المراد فتح الإسلام بالسيف والسنان ، وقيل : الحكم ، وقيل : فتح مكة ، قيل : هو المختار ، وقيل : فتح الإسلام بالآية والبيان والحجة والبرهان ، وفي تفسير النسفي والأكثرون على أن الفتح كان يوم الحديبية ، وقال البراء بن عازب : نحن نعد الفتح بيعة الرضوان ، وقال الشعبي : هو فتح الحديبية ، وقال الزهري : لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية ، ويقال : الفتح في اللغة فتح المغلق والصلح الذي [ ص: 225 ] جعل بين المشركين بالحديبية كان مشدودا متعذرا حتى فتحه الله ، وزيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب ، يروي عن أبيه أسلم عن عمر رضي الله تعالى عنه ، وظاهره أنه مرسل ، ولكن قول عمر رضي الله تعالى عنه : " فحركت بعيري ... " إلى آخره يدل على أنه عن عمر ، والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن القعنبي ، وفي فضائل القرآن ، عن إسماعيل والكل عن مالك ، وأخرجه الترمذي في التفسير عن ابن بشار ، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد الله المخزومي . قوله : " في بعض أسفاره " الظاهر أنه كان في سفر الحديبية . قوله : " أن ينزل " على صيغة المجهول ، قوله : " في " بكسر الفاء وتشديد الياء ، وكذلك في ، بعد قوله : " قد نزل " ، قوله : " قد نزرت " بفتح النون وتشديد الزاي ، أي ألححت وضيقت عليه ، حتى أحرجته ، وقيل : المعروف بتخفيف الزاي من النزر ، وهو القلة ، ومنه البئر النزور ، أي قليلة الماء ; فقيل ذلك لمن كثر عليه السؤال حتى انقطع جوابه ، وقال ابن الأعرابي : النزر الإلحاح في السؤال ، وعن الأصمعي : نزر فلان فلانا إذا استخرج ما عنده قليلا قليلا ، قوله : " فما نشبت " أي فما لبثت من نشب ينشب من باب علم يعلم ، يقال : لم ينشب أن فعل كذا ، أي لم يلبث ، وحقيقته لم يتعلق بشيء غيره ، ولا اشتغل بسواه ، قوله : إنا فتحنا لك فتحا مبينا قد مر تفسير الفتح آنفا ، واختلف في الموضع الذي نزلت فيه سورة الفتح ، فعند أبي معشر بالجحفة ، وفي الإكليل عن مجمع بن حارثة بكراع الغميم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية