الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (25) قوله تعالى: ليحملوا : في هذه اللام ثلاثة أوجه، أحدها: أنها لام الأمر الجازمة على معنى الحتم عليهم، والصغار الموجب لهم، وعلى هذا فقد تم الكلام عند قوله "الأولين"، ثم استؤنف أمرهم بذلك. الثاني: أنها لام العاقبة، أي: كان عاقبة قولهم ذلك، لأنهم لم يقولوا: "أساطير" ليحملوا، فهو كقوله تعالى: ليكون لهم عدوا وحزنا ، وقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2970 - لدوا للموت وابنوا للخراب ... ... ... ...

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 208 ] الثالث: أنها للتعليل، وفيه وجهان: أحدهما: أنه تعليل مجازي. قال الزمخشري : واللام للتعليل من غير أن يكون غرضا نحو قولك: "خرجت من البلد مخافة الشر". والثاني: أنه تعليل حقيقة. قال ابن عطية: بعد حكاية وجه لام العاقبة "ويحتمل أن تكون صريح لام كي، على معنى: قدر هذا لكذا". انتهى. لكنه لم يعلقها بـ "قالوا" إنما قدر لها علة "كيلا"، وهو قدر هذا، وعلى قول الزمخشري يتعلق بـ "قالوا"; لأنها ليست لحقيقة العلة. و "كاملة" حال.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ومن أوزار فيه وجهان، أحدهما: أن "من" مزيدة، وهو قول الأخفش، أي: وأوزار الذين على معنى: ومثل أوزار، كقوله: "كان عليه وزرها ووزر من عمل بها". والثاني: أنها غير مزيدة وهي للتبعيض، أي: وبعض أوزار الذين. وقدر أبو البقاء مفعولا حذف وهذه صفته، أي: وأوزارا من أوزار، ولا بد من حذف "مثل" أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد منع الواحدي أن تكون "من" للتبعيض قال: "لأنه يستلزم تخفيف الأوزار عن الأتباع، وهو غير جائز لقوله عليه السلام: "من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"، لكنها للجنس، أي: ليحملوا من جنس أوزار [ ص: 209 ] الأتباع". قال الشيخ: "والتي لبيان الجنس لا تتقدر هكذا، إنما تتقدر: والأوزار التي هي أوزار الذين، فهو من حيث المعنى كقول الأخفش، وإن اختلفا في التقدير".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: بغير علم حال، وفي صاحبها وجهان، أحدهما: أنه مفعول "يضلونهم"، أي: يضلون من لا يعلم أنهم ضلال، قاله الزمخشري . والثاني: أنه الفاعل، ورجح هذا بأنه هو المحدث عنه. وقد تقدم الكلام في إعراب نحو: ساء ما يزرون ، وأنها قد تجري مجرى بئس.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية