الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4153 407 - حدثني محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: أرسلني أصحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله الحملان لهم إذ هم معه في جيش العسرة، وهي غزوة تبوك، فقلت: يا نبي الله إن أصحابي أرسلوني إليك لتحملهم، فقال: والله لا أحملكم على شيء، ووافقته وهو غضبان، ولا أشعر، ورجعت حزينا من منع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن مخافة أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وجد في نفسه علي، فرجعت إلى أصحابي فأخبرتهم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ألبث إلا سويعة إذ سمعت بلالا ينادي أي عبد الله بن [ ص: 46 ] قيس، فأجبته فقال: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك، فلما أتيته قال: خذ هذين القرينين، وهذين القرينين لستة أبعرة ابتاعهن حينئذ من سعد فانطلق بهن إلى أصحابك فقل: إن الله، أو قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملكم على هؤلاء فاركبوهن، فانطلقت إليهم بهن فقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم يحملكم على هؤلاء، ولكني والله لا أدعكم حتى ينطلق معي بعضكم إلى من سمع مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تظنوا أني حدثتكم شيئا لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا لي: إنك عندنا لمصدق، ولنفعلن ما أحببت، فانطلق أبو موسى بنفر منهم حتى أتوا الذين سمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم منعه إياهم ثم إعطاءهم بعد، فحدثوهم بمثل ما حدثهم به أبو موسى رضي الله عنه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "إذ هم معه في جيش العسرة، وهي غزوة تبوك" وأبو أسامة حماد بن أسامة، وبريد - بضم الباء الموحدة، وفتح الراء - ابن عبد الله بن أبي بردة -بضم الباء أيضا- واسمه عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، وبريد هذا يروي هذا الحديث عن جده أبي بردة بن أبي موسى.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في النذر، وأخرجه مسلم في الأيمان والنذور بإسناد البخاري.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أسأله الحملان) بضم الحاء المهملة أي الشيء الذي يركبون عليه ويحملهم، وقال الكرماني: الحملان بالضم الحمل.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ووافقته) أي صادفته، والواو في "وهو غضبان" للحال.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ولا أشعر) أي والحال لا أعلم أي لم يكن لي علم بغضبه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (حزينا) نصب على الحال.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ومن مخافة) بفتح الميم مصدر ميمي، أي: ومن خوف أن يكون، وكلمة أن مصدرية.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وجد في نفسه) من وجد عليه يجد وجدا وموجدة أي غضب.

                                                                                                                                                                                  قوله: (سويعة) تصغير ساعة، وهي في الأصل جزء من الزمان، وقد تطلق على جزء من أربعة وعشرين جزءا التي هي مجموع اليوم والليلة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أي عبد الله) يعني يا عبد الله هو أبو موسى الأشعري.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فأجب) بفتح الهمزة، وكسر الجيم، أمر من الإجابة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (هذين القرينين) وهو تثنية قرين، وهو البعير المقرون بآخر يقال: قرنت البعيرين إذا جمعتهما في حبل واحد، وفي رواية أبي ذر عن غير المستملي "هاتين القرينتين" أي الناقتين، وقد تقدم في قدوم الأشعريين أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أمر لهم بخمس ذود، وهنا بستة أبعرة، فإما تعددت القصة أو زادهم على الخمس واحدا.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: قوله: (هذين القرينين) يقتضي أربعة فكيف قال: "ستة أبعرة" وكان ينبغي أن يذكر لفظ القرينين ثلاث مرات لتكون ستة.

                                                                                                                                                                                  قلت: يحتمل أن يكون اختصارا من الراوي، أو كانت الأولى اثنتين، والثانية أربعة؛ لأن القرين يصدق على الواحد وعلى الأكثر، واللام في قوله: (لستة أبعرة) يتعلق بقوله: "قال: خذ".

                                                                                                                                                                                  قوله: (ابتاعهن) في رواية الكشميهني "ابتاعهم" وكذا في رواية "فانطلق بهم" وهو تحريف، والصواب رواية الجماعة، وقال الكرماني: هذا من تشبيه الأبعرة بذكور العقلاء.

                                                                                                                                                                                  قوله: (لا أدعكم) أي لا أترككم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية