الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ويقول سبحانه وتعالى في طلب السجود: فإذا سويته أي: شكلته على الخلق السوي في أحسن تقويم ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين قاله سبحانه بعد قوله: وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون وقوله تعالى: فقعوا له ساجدين معناه خروا له ساجدين، سجود إكبار وتكريم لا سجود عبادة، فالعبادة لله تعالى وحده لا شريك له، ويقول الزمخشري في قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي وأحييته، وليس ثمة نفخ ولا منفوخ، وإنما هو ليحصل ما يحيا به فيه، وحاصل هذا أن ذلك تصوير للروح إذ تدخل الجسم ويحيا بها الإنسان حياة محس مدرك، ويقول البيضاوي في قوله: ونفخت فيه من روحي «حتى جرى آثاره في تجاويف أعضائه، وأصل النفخ إجراء الريح في تجويف جسم آخر، ولما كان الروح يتعلق أولا بالبخار اللطيف المنبعث من القلب، ويفيض عليه القوة الحيوانية، فيسري حاملا لها في [ ص: 4086 ] تجاويف الشرايين إلى أعماق البدن جعل تعلقه بالقلب نفخا فيه، وإضافة الروح إلى نفسه لما مر في (النساء)، والمعنى أن الله نفخ من روحه هو تصوير لخلق الحياة، وإضافتها إليه سبحانه وتعالى لأنه خالقها ومنشئها، وليس ثمة نفخ، وإنما هو تصوير للخلق والتكوين، وعلى هذا يكون معنى نفخنا فيه من روحنا، فليس فيها دلالة على أن عيسى من روح الله كما أن آدم ليس من روح الله، وإنما هو من خلق الله تعالى».

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية