الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله : ( وثلاثا في أطهار حسن وسني ) أي تطليقها ثلاثا في ثلاثة أطهار حسن وسني ، وقد قدمنا أن كلا من الحسن ، والأحسن سني ، فتخصيص هذا باسم طلاق السنة لا وجه له ، والمناسب تمييزه بالمفضول من طلاقي السنة كذا في فتح القدير لكن مشايخنا إنما خصوه باسم السنة لما أنه ورد في واقعة { ابن عمر رضي الله عنهما ما هكذا أمرك الله قد أخطأت السنة السنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء تطليقة } وخصوا الأول باسم الأحسن لما روي عن إبراهيم النخعي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حين تمضي عدتها وأن هذا أفضل عندهم ولا بد أن تكون الأطهار خالية عن الجماع فيها ، وفي حيض قبلها ، وعن طلاق فيه لأن كلا منها يخرجه عن السنة صرح به في الفوائد التاجية ولا يخفى أن الكلام كله في المدخول بها وأما غيرها فسيذكر حكمها .

                                                                                        والتطليق في الطهر الأول صادق بكونه في أوله ، وفي آخره واختلف فيه قيل الأولى التأخير إلى آخر الطهر احترازا عن تطويل العدة عليها وقال صاحب الهداية : والأظهر أن يطلقها عقيب الطهر لأنه لو أخر الإيقاع ربما يجامعها ومن قصده [ ص: 257 ] أن يطلقها فيبتلى بالإيقاع عقيب الوقاع وهو بدعي أي الأظهر من عبارة محمد كذا في غاية البيان ورجح الأول في فتح القدير بأنه أقل ضررا فكان أولى وهو رواية عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ا هـ .

                                                                                        والمعتمد ما في الهداية لما ذكره ولأنه إذا أخر إلى آخره ربما فجأها الحيض قبل التطليق فيفوت مقصوده ، وفي المبسوط : وإذا كان الزوج غائبا وأراد أن يطلقها للسنة كتب إليها إذا جاءك كتابي هذا ثم حضت فطهرت فأنت طالق لجواز أن يكون قد امتد طهرها الذي جامعها فيه وإذا أراد أن يطلقها ثلاثا للسنة كتب ثم إذا حضت وطهرت فأنت طالق ثم إذا حضت وطهرت فأنت طالق ، وإن شاء أوجز فكتب إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق ثلاثا للسنة فيقع بهذه الصفة ، وإن كانت لا تحيض كتب إذا جاءك كتابي هذا ثم أهل شهر فأنت طالق أو فأنت طالق ثلاثا للسنة ا هـ .

                                                                                        وهذه الكتابة على هذا الوجه واجبة كما في فتح القدير ، وفي البدائع وذكر محمد رحمه الله تعالى في الرقيات أنه يكتب إليها : إذا جاءك كتابي هذا فعلمت ما فيه ثم حضت وطهرت فأنت طالق وتلك الرواية أحوط ا هـ .

                                                                                        وظاهر قوله لجواز أن يكون قد امتد طهرها يدل على أنه لو سافر وهي حائض ولم يجامعها في ذلك الحيض فإنه يكتب لها إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق من غير حاجة إلى قوله ثم حضت فطهرت فإنه لم يجامعها في طهر الطلاق إلا أن يقال جاز أن تكون وطئت بشبهة في غيبته وهو بعيد الوقوع وأما الزنا فلا اعتبار به كما قدمناه ، وفي المحيط : لو قال لها : إذا طهرت من حيضة فأنت طالق للسنة فطهرت من حيضة ثم جاءت بولد لستة أشهر ويوم أو يومين منذ طلق لم تطلق لأنه تبين أن ذلك لم يكن حيضا ، وإن جاءت بولد لستة أشهر وثلاثة أيام طلقت لأن الحيض تم في ثلاثة أيام وهذا الولد رجعة . ا هـ .

                                                                                        [ ص: 256 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 256 ] ( قوله : لكن مشايخنا إنما خصوه باسم السنة لما أنه ورد . . . إلخ ) قال في النهر لو قيل أنه إنما خص الحسن بهذا ليعلم أنه في الأحسن سني بالأولى لكان في الجواب أولى ا هـ .

                                                                                        ومثله في الشرنبلالية بزيادة حيث قال : والجواب أنه لما كان من المعلوم أن الأحسن سني بالإجماع لم يحتج إلى التصريح بكونه سنيا وصرح بكون الحسن سنيا لدفع قول مالك أنه ليس بسني لا لأنه عندنا سني دون الأول كذا أفاده شيخنا ا هـ .




                                                                                        الخدمات العلمية