الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    كشف المعاني في المتشابه من المثاني

                                                                                                                                                                    ابن جماعة - بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة

                                                                                                                                                                    182 - مسألة :

                                                                                                                                                                    قوله تعالى: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وقال بعده: ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا .

                                                                                                                                                                    فالآية الأولى بالفاء وتكرار (ولا) وباللام في (ليعذبهم) وبلفظ (الحياة) والآية الثانية بالواو، وسقوط (لا) ، و(أن) موضع اللام؟

                                                                                                                                                                    جوابه:

                                                                                                                                                                    أن الآية الأولى ظاهرة في قوم أحياء، والثانية في قوم أموات.

                                                                                                                                                                    وأما الفاء في الأولى فلأن ما قبلها أفعالا مضارعة تتضمن معنى الشروط كأنه قيل: إن اتصفوا بهذه الصفات من الكسل في الصلاة، وكراهية النفقات فلا تعجبك أموالهم، الآية.

                                                                                                                                                                    والآية الثانية تقدمها أفعال ماضية، وبعد موتهم، فلا تصلح [ ص: 197 ] للشرط، فناسب مجيئها بالواو.

                                                                                                                                                                    وأما قوله تعالى: (ولا أولادهم) فلما تقدم من التوكيد في قوله: (إلا وهم) وفي قوله تعالى: (ولا يأتون) إلى (ولا ينفقون إلا) فناسب التوكيد في قوله تعالى: (ولا أولادهم) بخلاف الآية الثانية.

                                                                                                                                                                    وأما (اللام) في الأولى و(أن) في الثانية فلأن مفعول الإرادة في الأول محذوف، واللام للتعليل تقديره: إنما يريد الله ما هم فيه من الأموال والأولاد لأجل تعذيبهم في حياتهم بما يصيبهم من فقد ذلك، ولذلك قال: وتزهق أنفسهم وهم كافرون .

                                                                                                                                                                    ومفعول الإرادة في الآية الثانية "أن يعذبهم" لأن الأعمال المتقدمة عليه ماضية ولا تصلح للشرط ولذلك قال: وماتوا وهم فاسقون .

                                                                                                                                                                    وأما: (الدنيا) في الثانية فلأنها صفة للحياة فاكتفى بذكر الموصوف أولا عن إعادته ثانيا.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية