الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2233 ) فصل : والمحرم زوجها ، أو من تحرم عليه على التأبيد ، بنسب أو سبب مباح ، كأبيها وابنها وأخيها من نسب أو رضاع ; لما روى أبو سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ، أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا ، إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو ذو محرم منها } . رواه مسلم . قال أحمد : ويكون زوج أم المرأة محرما لها يحج بها ، ويسافر الرجل مع أم ولد جده ، فإذا كان أخوها من الرضاعة خرجت معه .

                                                                                                                                            وقال في أم امرأته : ويكون محرما لها في حج الفرض ، دون غيره . قال الأثرم : كأنه ذهب إلى أنها لم تذكر في قوله : { ولا يبدين زينتهن } . الآية . فأما من تحل له في حال ، كعبدها ، وزوج أختها ، فليسا بمحرم لها . نص عليه أحمد . لأنهما غير مأمونين عليها ، ولا تحرم عليهما على التأبيد ، فهما كالأجنبي .

                                                                                                                                            وقد روي عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { سفر المرأة مع عبدها ضيعة } . أخرجه سعيد . وقال الشافعي : عبدها محرم لها ; لأنه يباح له النظر إليها ، فكان محرما لها ، كذي رحمها . والأول أولى . ويفارق ذا الرحم ; لأنه مأمون عليها ، وتحرم عليه على التأبيد ، وينتقض ما ذكروه بالقواعد من النساء ، وغير أولي الإربة من الرجال .

                                                                                                                                            وأما أم [ ص: 99 ] الموطوءة بشبهة ، أو المزني بها ، أو ابنتهما ، فليس بمحرم لهما ; لأن تحريمهما بسبب غير مباح ، فلم يثبت به حكم المحرمية كالتحريم الثابت باللعان ، وليس له الخلوة بهما ، ولا النظر إليهما لذلك . والكافر ليس بمحرم للمسلمة ، وإن كانت ابنته . قال أحمد في يهودي أو نصراني أسلمت ابنته : لا يزوجها ، ولا يسافر معها ، ليس هو لها بمحرم .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة ، والشافعي : هو محرم لها ; لأنها محرمة عليه على التأبيد . ولنا ، أن إثبات المحرمية يقتضي الخلوة بها ، فيجب أن لا تثبت لكافر على مسلمة ، كالحضانة للطفل ، ولأنه لا يؤمن عليها أن يفتنها عن دينها كالطفل ، وما ذكروه يبطل بأم المزني بها ، وابنتها ، والمحرمة باللعان ، وبالمجوسي مع ابنته ، ولا ينبغي أن يكون في المجوسي خلاف ; فإنه لا يؤمن عليها ، ويعتقد حلها . نص عليه أحمد في مواضع . ويشترط في المحرم أن يكون بالغا عاقلا .

                                                                                                                                            قيل لأحمد : فيكون الصبي محرما ؟ قال : لا ، حتى يحتلم ; لأنه لا يقوم بنفسه ، فكيف يخرج مع امرأة . وذلك لأن المقصود بالمحرم حفظ المرأة ، ولا يحصل إلا من البالغ العاقل ، فاعتبر ذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية