الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النظر الثاني : في دفع الصائل .

                                                                                                                وهو في المدفوع ، والمدفوع عنه ، والدفع .

                                                                                                                وفي الجواهر : أما المدفوع ، فكل صائل ، إنسانا كان أو غيره ، فمن خشي من ذلك فدفعه عن نفسه فهو هدر ، حتى الصبي والمجنون إذا صالا ، أو البهيمة ; لأنه ناب عن صاحبها في دفعه . والمدفوع عنه : كل معصوم من نفس ، أو بضع ، أو مال ، قال القاضي أبو بكر : أعظمها : النفس ، وأمره بيده إن شاء سلم نفسه ، أو يدفع عنها ، ويختلف الحال ففي زمان الفتنة : الصبر أولى تقليلا لها ، أو مقصودا وحده فالأمر سواء ، وأعظم من الجميع : الدين ، وهو أقوى رخصة ; لقوله تعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) وأما الدفع : فقال القاضي : لا يقصد القتل ، بل الدفع ، فإن أدى للقتل فذلك ، إلا أن يعلم أنه لا يندفع إلا بالقتل فيقصد ابتداء ، ولو [ ص: 263 ] قدر المصول عليه على الهرب من غير مضرة تلحقه ، لم يدفع بالجرح وإلا دفع بما يقدر ، ولا يتعين قصد العضو الجاني ; لأن الشر من نفس الصائل ، فإن عض يد غيره فنزع اليد فتبددت أسنانه ; ضمن النازع دية الأسنان ، لأنها من فعله ، وقيل : لا يضمن ; لأنه ألجأه إلى ذلك ، وإن نظر إلى حرم من كوة لم يجز أن يقصد عينه أو غيرها ، لأنه لا يدفع المعصية بالمعصية ، وفيه القود إن فعل ، ويجب تقدم الإنذار في كل دفع .

                                                                                                                تمهيد : في الصحاح : ( كن عبد الله المقتول ، ولا تكن عبد الله القاتل ) وعليه اعتمد عثمان رضي الله عنه على أحد التأويلات ، ولأنها تعارضت مفسدة ( أن يقتل أو ) يمكن من نفسه ، والتمكين من القتل أخف مفسدة من القتل فيقدم ، والفرق بين أن يمكن من قتل نفسه ، أو يترك الغذاء أو الشراب حتى يموت : أن ترك الغذاء هو السبب التام في الموت لم ينضف إليه غيره ، ولا بد أن ينضاف فعل الصائل للتمكين ، والفرق بين من ترك الغذاء يحرم ، ومن ترك الدواء فلا يحرم : أن الدواء غير منضبط النفع ، فقد يفيد وقد لا ، والغذاء ضروري النفع .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية