الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ودفع قمل ) لا يحتمل أذاه عادة وإن لم يكثر حتى يصير كالداء المتوقف على الدواء خلافا لبعضهم ولو في الحضر في الكل ، خلافا لما أطال به الأذرعي وذلك لخبر الصحيحين { أنه صلى الله عليه وسلم أرخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكة كانت بهما } وفي غزاة بسبب القمل ، ورواية مسلم أن الأول كان في السفر لا يخصص ، ويؤخذ من قوله للحاجة أنه متى وجد مغنيا عنه من دواء أو لباس لم يجز له لبسه كالتداوي بالنجاسة واعتمده جمع ونازع فيه شارح بأن جنس الحرير مما أبيح لغير ذلك فكان أخف ويرد بأن الضرورة المبيحة للحرير لا يتأتى مثلها في النجاسة حتى يباح لأجلها فعدم إباحتها لغير التداوي إنما هو لعدم تأتيه فيها لا لكونها أغلظ على أن لبس نجس العين يجوز لما جاز له الحرير فهما مستويان فيها ( وللقتال كديباج لا يقوم غيره مقامه ) في دفع السلاح كحاجة دفع القمل بل أولى قيل هذه مفهومة من قوله أو فجأة حرب بالأولى أو داخلة فيها ا هـ

                                                                                                                              وليس كذلك فإن تلك في خصوص الفجأة وعموم الحرير وهذه في خصوص نوع منه وعموم القتال فلم يغن أحدهما عن الآخر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ويؤخذ من قوله للحاجة إلخ ) في الأخذ نظر لتحقق الحاجة مع وجود المعنى ، وإن كان المأخوذ هو المتجه ( قوله : فإن تلك في خصوص إلخ ) مجرد هذا لا يمنع فهم إحداهما من الأخرى فتأمله ( قوله وهذه في خصوص نوع منه إلخ ) فيه نظر ؛ لأن كاف كديباج تدخل بقية أنواع الحرير ، وما المانع أن يقال تلك في الاحتياج إليه لمجرد الستر أو أعم وهذه في الاحتياج إليه لدفع السلاح فلا [ ص: 24 ] تكرار



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ودفع قمل ) أي وللحاجة في دفع قمل ؛ لأنه لا يقمل بالخاصة نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر لا يقمل إلخ في المختار قمل رأسه من باب طرب وعليه فيقرأ ما هنا بفتح المثناة التحتية وفتح الميم ويكون المعنى لا يقمل من لبسه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في الكل ) كذا في النهاية والمغني ولعل المراد بذلك قول المصنف للضرورة إلخ وقوله وللحاجة إلخ كما هو صريح شرح بافضل ( قوله : أن الأول ) أي الإرخاص لحكة ( لا تخصص ) أي الإرخاص بالسفر .

                                                                                                                              ( قوله : ويؤخذ ) إلى المتن في النهاية ( قوله : ويؤخذ من قوله للحاجة إلخ ) في الأخذ نظر لتحقق الحاجة مع وجود المغني ، وإن كان المأخوذ هو المتجه سم ( قوله : لم يجز له إلخ ) معتمد ع ش ( قوله : ونازع فيه شارح بأن جنس الحرير إلخ ) اعتمده المغني ( قوله : على أن لبس نجس العين إلخ ) أي أما المتنجس فلا يتوقف حله على ضرورة كما يأتي ع ش ( قوله : فيها ) أي في الإباحة أو في الضرورة المبيحة قول المتن ( وللقتال إلخ ) قال في التنبيه ويجوز للمحارب لبس الديباج الثخين الذي لا يقوم غيره مقامه في دفع السلاح ولبس المنسوج بالذهب إذا فاجأته الحرب ولم يجد غيره ا هـ قال ابن النقيب في شرحه قوله إذا فاجأته الحرب إلخ شرط في المنسوج بالذهب فقط ا هـ ولعل الأوجه عدم اشتراطها فيه أيضا بل الشرط أن لا يجد ما يقوم مقامه فيجوز لبسه حينئذ ، وإن تسبب في الخروج للحرب ولم تفاجئه وهو ظاهر ما نقله الشارح في شرح قول العباب وكذا ما هو جنة فيه كديباج صفيق ، وإن لم تفاجئه الحرب ا هـ مما نصه وكالدرع المنسوج بذهب ، فإنها لا تحل في الحرب إلا إذا لم يجد ما يقوم مقامها اتفاقا كما قاله في المجموع انتهى ا هـ سم قول المتن ( كديباج إلخ ) بكسر الدال وفتحها فارسي معرب مأخوذ من التدبيج هو النقش والتزيين أصله ديباه بالهاء ( قوله : مقامه ) بفتح الميم ؛ لأنه من الثلاثي يقال قام هذا مقام ذاك بالفتح وأقمته مقامه بالضم نهاية ومغني قال ع ش قوله بكسر الدال وفتحها والكسر أفصح ا هـ وقال الرشيدي قوله م ر مأخوذ من التدبيج لا يناسب كونه معربا إذ المعرب لفظ استعملته العرب في معنى وضع له في غير لغتهم وهذا الأخذ يقتضي أنه عربي فتأمل ا هـ ولعل وجه التأمل أن قوله م ر أصله ديباه إلخ يلحقه بالعربي ويدفع الإشكال ( قوله : قبل هذه مفهومة إلخ ) جرى عليه المغني ( قوله : بالأولى ) أي ، فإنه إذا جاز لمجرد المحاربة فلأن يجوز للقتال بطريق الأولى مغني ( قوله : فإن تلك إلخ ) مجرد هذا لا يمنع فهم إحداهما من الأخرى فتأمله ( وقوله : وهذه في خصوص نوع منه إلخ ) فيه نظر ؛ لأن كاف كديباج تدخل بقية أنواع الحرير وما المانع أن يقال تلك في الاحتياج إليه لمجرد الستر أو أعم وهذه في الاحتياج لدفع السلاح فلا تكرار سم وقوله : لأن كاف كديباج إلخ فيه نظر ظاهر وقوله فلا تكرار فيه أن الأعم يغني عن الأخص ( قوله فلم يغن أحدهما إلخ ) أما عدم إغناء الفجأة عن القتال فواضح ؛ لأنها أخص منه ، وأما عدم إغناء الحرير عن الديباج فمحل تأمل ؛ لأن الأخص مندرج في الأعم فلو اقتصر في التعليل على الأول كان أولى ثم رأيت في النهاية قال وأعاد هذه المسألة لئلا يتوهم أن الجواز فيما مر [ ص: 24 ] مخصوص بحالة الفجأة فقط دون الاستمرار ا هـ وهو حسن لولا تعبيره بالإعادة بصري .




                                                                                                                              الخدمات العلمية